خارطة طريق لدرس النظرية والتجربة

خارطة طريق لدرس النظرية والتجربة

المحور الأول: التجربة والتجريب

ماالاشكال المطروح هنا؟ مالقضية التي يتعين معالجتها ومالسؤال أو الأسئلة التي ينبغي الجواب عليها؟
مالم نطرح هذه الأسئلة بشكل دقيق وواضح، فإن كل شيء يصبح ممكنا! وكل النصوص والأطروحات يمكن استدعاؤها وحشرها وتكديسها في ذهن التلميذ المسكين
أعتقد أن المستهدف في هذا المحور هو الوقوف عند خصوصية الممارسة العلمية من حيث هي ممارسة إنسانية-معرفية إي التعرف على الموقف العلمي إزاء العالم atitude scientifique
يقول المنهاج:

‏يتم التساؤل فى هذه الوحدة حول طبيعة المعرفة الحاصلة لدى الإنسان وحول كيفية بلوغها وإذا ما حصرنا هذا التساؤل فى مجال المعرفة العلمية، أصبحت المشكلة ….

لقد تم تجاهل الإشارة إلى “طبيعة المعرفة الحاصلة عند الإنسان”، وبدأت جميع الكتب المدرسية بالمعرفة العلمية رأسا !! والحال أن المطلوب هو إبراز أوجه الاستمرارية أو القطيعة بين المعرفة العلمية بما هي نمط خاص من المعرفة التجريبية والمعرفة الإنسانية عموما التي يقال عنها أيضا أنه ثمرة للتجربة (تجارب الحياة)
إن هذا التوجه يستمد أيضا مبرره من دواع بيداغوجية: إذ ينبغي ينبغي دائما الارتقاء بالتلميذ من ما يعرف إلى مالايعرف. لأن المعرفة الجديدة المكتسبة تحتاج دائما إلى أن تدمج في بنيات معرفية سابقة يتم تعديلها باستمرار (بياجي)

لتلمس الإشكال سنبدأ من هذه الفقرة لألبير جاكار نقلا عن مباهج الفلسفة، الشعبة الأدبية ص 71 :
“علينا أن نميز بين التجربة بما هي جماع ملاحظاتنا للظواهر التي تعطانا من قبل الطبيعة على نحو مباشر، وبين التجريب الذي هو ملاحظة لاستجابات معطيات العالم الواقعي ، حينما نخضعها لشروط منظورة وموجهة من طرف فكرنا”
وهذه العبارة لورنيه طوم:
“لاننكر وجود ممارسة تجريبية لها أصول سابقة على تكون العلم ذاته” (روني طوم-نقلا عن المباهج ص 69)
حسنا
إذا كان فرنسيس بيكون يرى أن العلم هو خروج الفكر من ذاته واتجاهه نحو الواقع لاكتتشاف العلاقات بين ظواهره، فإن الفكر الإنساني كان دائما متجها نحو الواقع منصتا بانبهار حينا وبخشوع حينا آخر للعالم الخارجي
بعبارة أخرى، إذا كان العلم منذ غاليليو وبيكون علما تجريبيا، إذا كانت الممارسة التجريبية سابقة على نشوء العلم نفسه، فمالذي يشكل بالضبط خصوصية الممارسة التجريبية العلمية؟
أحد أشكال تمييز الممارسة التجريبية الخاصة بالعلم عن باقي الممارسات التجريبية ومن ثم إدراك خصوصيات التجريب في العلم هو موضعة التجربة العلمية (التي سنسميها تجريبا) إزاء مختلف التجارب من روحية وجمالية وعاطفية…ء

أين يكمن التقابل أو التوتر الذي يسكن المحور الأول؟
إنه قائم بين موقف تجريبي منفعل وموقف تجريبي فاعل (التجريب)، بين صدمة الفكر أمام العالم الخارجي وإنصاته له وبين “محاصرة” الفكر لهذا الواقع واستنطاقه إياه
تناقض قائم قائم بين تجربة تحدث لنا وتجريب يحدثه العالم
بعبارة أخرى، أتصور أن التجربة أو الخبرة الجمالية والروحية والعاطفية … هي نماذج لتجربة منفعلة في حين أن التجريب العلمي هو تجربة فاعلة

لمعالجة هذا الإشكال، نقترح نصين الأول لفردناند ألكيي Ferdinand Alquié من كتابه “التجربة”
يتناول هذا النص مغهوم التجربة بصفة عامة، التجربة في معناها الإنساني
ي مكن أن نعنون هذا النص كالتالي: التجربة صدمة وخضوع وانفعال بغرابة المعطى الخارجي
على أن نقابله بنص لكلود برنارد يستعرض فيه هذا الأخير تجربة “بول الأرانب”، لكي نظهر للتلميذ أن التجريب العلمي موقف فاعل لا منفعل
موقف لايكتفي بالانصات للطبيعة لكنها يستنطقها انطلاقا من سؤال أو فرضية ويحدث في منظوماتها اختلالات ليرغمها على أن تجيب على أسئلته.
لماذا نص لكلود برنار؟
انسجاما مع مبدأ التعلم الذاتي، يستحسن أن نعرض على التلميذ نصا لعالم يتحدث فيه يضمير المتكلم عن تجربة علمية أجراها على أن نعرفه على نص لابستملوجي منظر يتحدث عن ممارسة العالم بصيغة الغائب !
في الحالة الأولى سندعو التلميذ إلى أن يستخلص بنفسه استقرائيا خصائص التجريب العلمي
في حين أننا في الحالة الثانية نقدم له هذه الخصائص مستخلصة وجاهزة

وسنختم ذلك بنص لــ إليا بريغوجين وإيزابيل ستانجر من كتابهما “العهد الجديد، تحولات العلم”
la nouvelle alliance , les metamorphose de la science
يمكن أن نعنونه كالتالي
التجريب استنطاق لواقع مبنى

المحور الثاني: العقلانية العلمية

يحتمل هذا العنوان عدة تأويلات خصوصا وأن المنهاج لم يقدم أية توضيحات بخصوص هذا المحور. إذ لايبدو أن أحد هذه الأسئلة الواردة فيه يطابق الإشكالية المفترضة لهذا المحور:

‏(1) هل تقوم على جمع المعطيات الحسية وتنظيمها وفقا لقوانين، أم أن الوقانع الحسية لا تكون ذات دلالة إلا إذا صاحبتها أسئلة نظرية ؟
‏(2) ما هو دور المعطيات الحسية والتأطيرات النظرية في بلورة المعرفة العلمية ؟
‏(3) ما هى النظرية العلمية “الصحيحة” وكيف تتيح تفسير الواقع
يمكن تناول الإشكال المطروح من خلال المحاور التالية:

– هل نفهم من عبارة “العقلانية العلمية” أن المطلوب هو مقارنة تصور العلم لوظيفة العقل مقابل تصور هذه الوظيفة من طرف ما يعرف في تاريخ الفلسفة بــ “المذهب العقلاني” ؟
– هل نفهم منه سؤالا حول طبيعة العقل العلمي بما هو عقل منفتح لم يعد يقبل بفكرة المقولات القبلية؟
– هل نفهم منه ضرورة التساؤل عن وظيفة العقل (الاستدلال، البناء الرياضي الأكسيومي) مقابل وظائف الحواس والملاحظة؟
– هل نفهم منها أيضا تقابل العقلانية العلمية مع الايمان أو الفكر اللاهوتي أو أنماط التفكير الأخرى ؟

كلها احتمالات واردة ومتكافئة الأدلة، سنختار منها الاحتمال الأول لأن الاحتمالات الأخرى ستكون إلى حد ما بمثابة تكرار لما سيعالجه المحور الأول أو الأخير
نقترح تأثيت هذا المحور بنص أينشتاين الذي اشتغلنا عليه في الكتاب المدرسي السابق والذي يمكن عنونته كالتالي:
الفكر (العقل) الخالص قادر على فهم الواقع من خلال البناء الرياضي
على أن نقابله بنص هانز رايشنباخ (كتاب المباهج /ص72)الذي يبدو نقدا شبه مباشر لموقف إينشتاين إذ يرفض كل خلط بين المعقولية العلمية والعقلانية بمعناها الفلسفي، رافضا في نفس الوقت إمكانية وجود أحكام تركيبية قبلية

المحور الثالث: معيار علمية النظرية
لايكاد هذا المحور يطرح مشكلة في ما يخص صياغته الاشكالية : إذ يتعلق الأمر على مايبدو بالسؤال: متى تكون نظرية ما علمية؟ هل معيار التحقق التجريبي كاف؟ كيف يمكن التحقق من قضية كلية هي القانون العلمي بناءا على استقراءات غير تامة؟
لاأعتقد أن علينا أن نضع التحقق التجريبي كمقابل للإتساق المنطقي، كما درجنا على ذلك في المقرر القديم
لسبب بسيط هو أن من يقول بالتحقق التجريبي مثل “بيير دوهيم” أو “موريتز شليك” لاينفيان أبدا بل بالعكس يؤكدان على أهمية الاتساق المنطقي في مرحلة الصياغة الرياضية للنظرية
المشكلة إذن هي مشكلة الاستقراء والتي أثارها دافيد هيوم لأول مرة عندما بين الاستحالة المنطقية للتعميمات الاستقرائية
إذن يبدو لي من المفيد أن يتعرف التلميذ على التصور الوضعي الاختباري عند بيير دوهيم مثلا
(أقترح نصه الموجود في الكتاب المدرسي السابق)
ثم يتعرف على الصعوبات التي يطرحها التحقق التجريبي والحل الذي اقترحه “كارل بوبر” لهذه الصعوبات من خلال معيار قابلية التزييف ( النص موجود، مع اختلاف في الفقرات المقتبسة، في الكتب المدرسية الثلاث كما في الكتاب المدرسي السابق)

Facebooktwitterredditmailby feather

تعليقاتكم وتفاعلاتكم

تعليقات وملاحظات

0 تعليق على “خارطة طريق لدرس النظرية والتجربة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *