نص: أيتها الدابة! لم لا تحدثني عن سعادتك!؟

نص: أيتها الدابة! لم لا تحدثني عن سعادتك!؟

إشكال النص: ماعسى سعادة الحيوان تخبرنا بشأن سعادة الإنسان ؟ ‏

تقديم النص:
هذا نص نيتشوي جميل وممتع في آن. أما عنوانه فقد اقتسبته تقريبا من جملة واردة في النص نفسه
وقد قررت قراءته مع تلامذتي في إطار درس السعادة، ورغم أنني لا أعرف بالضبط في أي محور سأحشره !! فلا أقل من أن نستمتع بقراءته.
في النص التالي يعرض نيتشه لفكرة مألوفة لدى قارئه وهي مفهوم النسيان الذي تقدم الجينالوجيا نفسها كترياق له أو بالأحرى لمفعولاته: نسيان الأصل، الأوهام التي يحيلها النسيان إلى حقائق، نسيان التشكلات الأولى للمفاهيم والمقولات الأخلاقية…
يوجد النسيان إذن دوما في قفص الاتهام عند نيتشه. غير أنه متهم هنا كغياب! بحيث تصبح تعاسة الإنسان نتيجة مباشرة لعجزه عن النسيان، فيتحول إلى كائن يعيش دوما تحت وطأة الماضي والذاكرة ، ملتفتا إلى الوراء، غافلا عما في اللحظة والحاضر من إمكانيات السعادة
إليكم هذا النص الذي لايخلو من طرافة ! حيث تظهر مواهب نيتشه كمؤلف مسرحي حين ينسج ذلك الحوار الفلسفي العميق بين الدابة والإنسان
قطيع أغنام يرعى

النص:
تأمل القطيع الذي يمر أمامك وهو يرعى، إنه لايعرف ماحدث بالأمس وما يحدث اليوم: فهو يجري هنا وهناك ويأكل ويرتاح ثم يجري من جديد من الصباح إلى المساء وعلى مر الأيام سواء أكان مسرورا أو منزعجا: إنه مشدود إلى موثق اللحظة بحيث لا يعبر عن كآبة أو ملل. إن الإنسان لا يرى شيئا من هذا القبيل لأنه يختال أمام الدابة رغم غيرته من سعادتها هاته، فما تحياه الدابة من عدم اكتراث بالتقزز والألم، وهو مايريده الإنسان، ولكنه يريده على نحو آخر لأنه لايستطيع أن يريد مثل الدابة. وربما يخطر بباله يوما ما ام يسأل الدابة: ” لماذا لا تحدثيني عن سعادتك ولماذا تكتفين بالنظر إلي فقط؟” وتهم الدابة بالجواب والقول: ” إنني أنسى في كل مرة ما أنوي قوله”. ولكن في الوقت الذي تستعد الدابة للجواب تكون قد نسيته فتسكت، مما يثير دهشة الإنسان
ولكنه اندهش من نفسه ايضا لأنه استعصى عليه أن يتعلم النسيان فظل مشدودا باستمرار إلى الماضي، ومهما فعل ومهما ذهب بعيدا وأسرع خطاه لاحقته السلسلة دوما. إنه لأمر عجيب: فمثلما تظهر اللحظة في رمشة عين، تزول كذلك. من قبلُ كان العدم، ومن بعدُ يعود العدم.

مصدر النص: فريدريك نيتشه، تأملات غير راهنية
Nietzshe, secondes consedirations intempstives, ed. Garnier Flamarion p.p : 75-76
نقلا عن كتاب الفلسفةالسنة الرابعة-آداب (تونس) ص

Facebooktwitterredditmailby feather

تعليقاتكم وتفاعلاتكم

تعليقات وملاحظات

Comments

  1. رد

  2. رد

  3. رد

  4. By ghania

    رد

  5. رد

  6. رد

    • رد

  7. By sabrina

    رد

  8. رد

  9. By أنس

    رد

  10. By أنس

    رد

  11. رد

  12. رد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *