أرشيف التصنيف: تأطير مجزوءات

حول تأطير المجزوءة: لمن يتوجه تأطير المجزوءات هذا؟

حول تأطير المجزوءة: لمن يتوجه تأطير المجزوءات هذا؟

يتوجه بالدرجة الأولى إلى المدرس، لأنه مطالب -في إطار التحضير الكلي للدرس- بامتلاك تصور منسجم وواضح عن منطق المجزوءة وعن كيفية انتظام المفاهيم الثلاثة بداخلها وهذا لتأطير موجه بدرجة ثانية إلى التلميذ لمساعدته على امتلاك نفس التصور الناظم، لكن علينا ان نعي جيدا أنه تصوره هذا سيظل مع ذلك صوريا أجوفا لأن التأطير يتضمن بالضرورة مقولات مؤطرة، والتلميذ المتوسط لا يملك الحدوس الحسية (أي المعارف) الازمة لملأ هذه المقولات.. والحل الأمثل هو أن يستعيد المدرس بعديا مع تلامذته هذا التأطير في نهاية إنجاز المجزوءة والذي سيكون آنذاك بمثابة خلاصة تركيبية

Facebooktwitterredditmailby feather

تأطير مجزوءة السياسة

تأطير مجزوءة السياسة


اجتماع بشري تنظمه دولة
تحتكر استعمال العنف
بإسم العدالة وصون  الحق

الإنسان حيوان مدني، هكذا قال أرسطو. وحتى لو قبلنا مع هوبز ضد أرسطو بأن طبيعة البشر تزرع الشقاق بينهم وتدفعهم إلى المواجهة أكثر مما تحثهم على الاجتماع، فإن النتيجة في النهاية واحدة: ضرورة الاجتماع! إما استجابة للطبع المدني للإنسان أو للحد من الأضرار الناجمة عن عدوانيته إذا ماتركت عرضة للأهواء الفردية، إن الاجتماع يعني العيش داخل جماعات تتباين من حيث أحجامها وتركيبتها. وإذا كان من الصعب تصور وجود اجتماعي أو عيش مشترك دون آليات تنظيمية. فإننا ما إن نتجاوز مستوى الأسرة كجماعة طبيعية، حتى نلفي أنفسنا في قلب الظاهرة السياسية. والمقصود بالسياسية هنا كل ما يتعلق بتدبير الشأن العام لهذا الكيان المعنوي المسمى جماعة.
تعتبر من أهم آليات تدبير الشأن العام بما تملكه من أجهزة ومؤسسات وما تجنده من موارد مادية وبشرية، وبوصفها تجسيدا للسلطة العليا، فهي تتولى تنظيم الحياة المشتركة ضمن تراب إقليم معين.
تكاد الدولة أن تكون ظاهرة إنسانية بامتياز، فقد نشأت أشكال مختلفة من الدول في مناطق مختلفة منذ الثورة الزراعية.. رغم أن الجدال لايزال دائرا بين الأنثربلوجيين حول ضرورة الدولة وكونيتها: هل هي ضرورية؟ هل عرفت كل المجتمعات ظاهرة الدولة مهما كانت بساطتها؟ ألا يمكن للمجتمع أن يدبر نفسه بنفسه!؟ ويحاجج بعضهم أمثال بيار كلاستر بإمكانية وجود مجتمع دون دولة…
المشترك بين الدول أيضا، قديمها وحديثها،  هو رفعها لشعار استتباب الأمن والنظام واتخادهاالعنف عدوها المعلن الذي تدعي محاربته وإلغاءه بمختلف أشكاله سواءا أكان اعتداء على النفس أو المال أو العرض…، لكنها تجد نفسها مضطرة إلى ممارسته من أجل محاربته. وهنا تكمن المفارقة!  تدعي الدولة في الغالب أن ممارستها للعنف ممارسة مشروعة أي مسترشدة بمبادئ الحق والعدالة وضوابط القانون مكتوبا كان أو عرفيا. وهو ادعاء يظل عرضة  للاحتجاج والمنازعة بسبب تعدد مرجعيات المشروعية والحق والعدالة ومبادئهما.

نلاحظ أن الخيط الناظم لمجزوءة السياسة هو مفهوم الدولة !! وليس ذلك بغريب، فلفظ السياسة في العربية من ساس يسوس أي قاد وحَكَم.. وحتى في درس الحق والعدالة، فإنما نتناول معايير الحق ومرجعياته وتأرجح العدالة بين المساواة والانصاف في إطار تشريعات ما داخل دولة ما، يفترض فيها صيانة حقوق الأفراد كما يخشى منها أن تنتهكها ! كذلك الشأن بالنسبة للعنف: هل لعنف الأفراد أو الجماعات مبرر ومشروعية في إطار دولة؟ وهل لعنف الدولة نفسها مشروعية ومبرر ما !؟
إن المفارقة التي تخترق مجزوءة السياسة كامنة -كما فطن إلى ذلك طوماس هوبز- في التقابل بين الفرد والجماعة/المؤسسة، بين الحرية التي يطالب بها الأول والأمن والنظام الذي تحرص عليه الثانية والذي هو مطب إنساني أيضا. ورغم وجود اتفاق ضمني على التدبير السلمي لهذه المفارقة، فقد يحدث أحيانا للأفراد أن يلجأوا إلى العنف للمطالبة بحرياتهم أو لإنقادها، مثلما تلجأ المؤسسة إلى نفس العنف دفاعا عن الأمن والنظام.

Facebooktwitterredditmailby feather

تأطير مجزوءة الوضع البشري

تأطير مجزوءة الوضع البشري

نبدأ بمنطوق المجزوءة ذاته: الوضع البشري، هذا المفهوم الوجودي بامتياز، هذا المفهوم المركب الذي يدين بحمولته الفلسفية للمفكرين الوجوديين بدءا من القديس أوغسطين وصولا إلى سارتر مرورا بباسكال وكيركجارد،
ضمن هذا التراث، يمكن تحديد الوضع البشري بوصفه مجموعة الحدود القبلية التي ترسم الوضعية الأساسية للانسان
إنها أولا، حدود أو شروط أو وضعيات قبلية، بمعنى أن الإنسان -إذ يُقذف به إلى العالم- يجدها امامه سابقة
عليه، لامفر منها ! وعليه أن يمارس إنسانيته من داخلها، انطلاقا منها أو بالرغم منها وهي ثانيا: حدود أساسية. فما المقصود بذلك؟ هل هناك حدود غير أساسية؟
نعم. لأن الحدود والشروط لا متناهية: فيزيائية، بيولوجية، سياسية، أخلاقية، ذاتية، علائقية، نفسية، وجودية… واللائحة طويلة
لكن يمكننا دائما رد هذه الشروط واختزالها إلى عدد بسيط من الحدود الأساسية
في مقرر الفلسفة للسنة الثانية، ارتأى واضعو البرنامج اختزال هذه الشروط في ثلاث أساسية:
الشرط الذاتي/الذاتية
الشرط العلائقي/الغيرية
الشرط التاريخي/الزمنية Temporalé

بالنسبة للبعد الأول، الذاتي، وهو موضوع درس الشخص فهو يشير إلى الانسان منظورا إليه في إنيته، التي تتركب بداية من جسم وتلك هي الناحية البيولوجية، هو عبارة عن عضوية حية، و بذلك يكون جزء من الطبيعة يخضع لقوانينها، متجسدة في حاجاته وغرائزه المنقولة إليه وراثيا، والتي يعيش تحت ضغطها الدائم. بيد أن هذه الجسمية تعاش من خلال وعي ما، كامل أو جزئي ، حاضر أو غائب ، متقدم أو لاحق… هنا مصدر التوتر: بين الجسمية المادية وبين هذا الوعي الذي يسند كما سنرى هويته ويتذرع به ليطالب لنفسه بقيمة تعلو على قيمة الأجسام/الأشياء، ويحتج به أخيرا ليفك نفسه من أسر الحتمية التي صرنا بفعل العلم نقر بخضوع العالم الفيزيائي لها
لنقل أننا نتناول الوضع البشري في درس الشخص من زاوية الإنية أو الذاتية التي يستشرعها كل فرد على شكل وعي و هوية وقيمة ومسؤولية.
ننتقل الآن إلى البعد العلائقي، وهي موضوع درس الغير، ويستدعي بضعة ملاحظات:
لايتعلق الأمر هنا بدراسة الإنسان بوصفه كائنا اجتماعيا محتاجا إلى غيره لتلبية حاجاته، أو كونه ملزما بالعيش في نظام جماعي منظم اداريا وسياسيا واقتصاديا.. هو ما يسمى المجتمع
لأننا ساعتها سنحول درس الغير إلى درس المجتمع أو الدولة أو درس التبادل ..! والواقع أننا في درس الغير لا في درس المجتمع أو الدولة أو التبادل !!
مالفرق ياترى؟
في درس الغير، نتناول البنية أو النسيج الأساسي (لنتذكر كلمة “الأساسية”) لكل هذه المجالات، ألا وهي العلاقة: أنا-أنت أو مانسيمه باختصار الغير
سأشرح: قبل أن يكون الآخر شريكا اجتماعيا او حاكما وا محكوما وا مالكا لسلعة أو خدمة يريد مبادلتها، فإنه أولا آخر، ذات أخرى لكنها ليست ذاتي، يشبهني ولا يشبهني ! إذا كنا في درس الشخص نتناول حد الإنية كأحد شروط الوضع البشري، فإننا في درس الغير نتناول مظهرا آخر من مظاهر الوجود الإنساني وهو الغيرية أو المغايرة أوالاختلاف، وهي لا تقل غموضا وإدهاشا عن الذاتية هذا الغير، كيف يوجد بالنسبة لي؟ كيف أوجد بالنسبة له؟ هل لي أن أعرفه؟ وهل له أن يعرفني أم أنني أظل سجين ذاتيتي!؟

والآن ماذا عن البعد الزمني للوجود الإنساني؟ إن الوجود الإنساني لاتشرطه فقط الذاتية والغيرية بل والزمنية Tomporalité أيضا
الإنسان كائن ذو وعي حاد بالزمن، يعي الزمن لدرجة القلق، لأنه يعلم أن كل دقيقة تمر هي دقيقة تقربه من الموت والعدم !!
ماذا يترتب عن ذلك؟
يترتب عن ذلك أن وجود الانسان وجود ممتد في الزمان، وينطبق ذلك على الفرد والنوع على حد سواء، مادام التاريخ -كما قال باسكال- أشبه برجل يظل هو نفسه ولكنه يتعلم باستمرار! ينتج عن ذلك أن الشخص يعيش تارخين: تاريخه اللفردي الخاص والتاريخ العام، فالانسان يمكن ان يولد حرا او مقيدا، عاملا او فلاحا..، في حقبة ما قبل التاريخ أو ما بعده، في العصر الوسيط أو في خضم الثورة الصناعية أو المعلوماتية.. كلها حقب تاريخية تسم الوجود الإنسان. بعبارة أخرى فالإنسان يعيش دائما ضمن سيرورة تاريخية يرثها ويورّثها لغيره، يفعل فيها وتفعل فيه، وهي ما نسميه التاريخ
وبهذا المعنى، فأنت كائن تاريخي، يعيش الآخرون في ذاكرتك، مثلما ستعيش أنت في ذاكرة الآخرين بعد رحيلك، وكأن لا أحد يفنى فناءا تاما !!
وفي درس التاريخ، نتناول هذا البعد الزمني او التاريخي من أبعاد الوجود الإنساني ومايطرحه من مشكلات مثل: المعرفة، المنطق، والحتمية أو العرضية

Facebooktwitterredditmailby feather