أرشيف التصنيف: توجيهات منهجية

خرائط ذهنية لفهم منهجية الإنشاء الفلسفي

منهجية الإنشاء الفلسفي واحدة من مكامن الصعوبة والعسر في الدرس الفلسفي من وجهة نظر المتعلم. هذه بعض الخرائط الذهنية التي من شأنها المساعدة على فهم منهجية الإنشاء الفلسفي، وهي من إنجاز الأستاذة فاطمة الزهراء المهدون من الثانوية التأهيلية الساحل بمديرية العرائش

 

 

 

ذة. فاطمة الزهراء المهدون

Facebooktwitterredditmailby feather

تعلم منهجية الإنشاء بواسطة استقراء نموذج ملموس

نموذج إنشاء فلسفي يوضح كيفية تطبيق القواعد االمنهجية
أو تعلم منهجية الإنشاء بواسطة استقراء نموذج ملموس

غالبا مانغدق على تلامذتنا النصائح المنهجية بشكل نظري ومجرد، لكننا نبخل عليهم بالنماذج التطبيقية.. نقول لهم حلل النص، استخرج نبيته المفاهيمية والحجاجية ، ناقش النص بمواقف مؤيدة وأخرى معارضة، حدد قيمة النص، … ولكن هل بينا لهم يوما ما كيف يتم ذلك بالفعل !؟
إن النقط التي يمنحها مصحح الفلسفة للتلاميذ نقط هزيلة عموما وحجته في ذلك ان كتابات التلاميذ وإنتاجاتهم المقالية لا تستوفي شروط الإنشاء كما يريده وينتظره! ولكن هلا أقدم هذا المصحح على إنجاز نموذج تقريبي لما يريده ويرتجيه !!؟
لقد ضقت ذرعا بإنشاءات بعض تلامذتي وهم يكتبون:
استخدم النص مفهوم كذا الذي يعني كذا ووظف مفهوم كذا الذي يعني كذا.. أما من حيث الأساليب الحجاجيةكما استخدم أساليب حجاجية كالتأكيد والنفي والأمثلة..إلخ ومن المواقف المؤيدة نجد الفيلسوف الفلاني الذي يقول كذا وكذا.. ويختلف معه الفيلسوف الفلاني الآخر الذي يرى كذا وكذا…
ليس هذا مانريده! وليس هذا إنشاءا فلسفيا جديرا بأن يحمل هذا الإسم! هناك غياب للوحدة العضوية والتنامي والسلاسة والتفكير الشخصي.. إلخ، ولكن أليس هذا هو عين ما لقناه للتلاميذ على شكل توجيهات منهجية نظرية!!؟ ألم يقل لهم: “حلل النص، استخرج نبيته المفاهيمية والحجاجية ، ناقش النص بمواقف مؤيدة وأخرى معارضة، حدد قيمة النص،..”
هل يقع اللوم على تلميذ لم يسبق له في حياته أن اطلع على نموذج إنشائي ينجزه مدرسه بنفسه يقدم من خلاله إمكانية من بين إمكانيات كثيرة لتطبيق التوجيهات المنهجية!!؟
هل سمعتم بشخص تعلم قرض الشعر من مجرد اطلاعه على قواعد العروض؟ هل سمعتم متعلما أتقن العزف من خلال تعلم الصولفيج دون تدريب يديه وأذنيه من خلال سماع معزوفات !؟

ماذا لو قلبنا الآية؟ ماذا لو وضعنا يدنا في العجين؟ وفعلنا كما يفعل فلاسفة فرنسا في سلسلة Les philosophes passent le BAC
حيث يطلب من بعض الفلاسفة كتابة مواضيع إنشائية مدرسية جوابا على مواضيع الباكالوريا الفرنسية، كما لو كانوا يجتازون فعلا هذا الامتحان! إنه تمرين لا يخلو من صعوبة ومتعة في نفس الوقت!!
ماذا لو قمنا بالمثل؟ فقدمنا لتلامذتنا نموذج إنشاء فلسفي ونترك لهم الفرصة إكتشاف قواعد الإنشاء واستنباطها أو التعرف عليها وهي مطبقة هي تمتزج المادة والصورة؟ الشكل والمحتوى؟ القاعدة وتطبيقها..؟

أترككم مع هذا النموذج الذي أنجزته بنفسي ، هو عبارة عن إنشاء فلسفي، أو جواب على صيغة النص المذيل بسؤال حلل وناقش، وقد وضعته رهن إشارة تلامذتي، وتجدون بعده تعليقا لإحدى التلميذات النجيبات في منتدى الحجاج، مما يعني ان هذا النموذج لم يكن بدون فائدة

إليكم النص أولا
نص الموضوع:: (لجأت إلى ترقيم جمل النص لكي تسهل الإحالة عليها لاحقا في ثنايا الملاحظات المصاحبة للموضوع الإنشائي)

“(1) إنني أتلفظ بـ´أنا´´ قبل التعرف على نفسي كشخص.(2) فالأنا هى الأولى،(3) ولا اختلاف فيها او تنوع! (4)وهي لا تفترض وجود مذهب (فكري) في الشخص. فالأنا قائمة منذ البداية،(5) أما الشخص فهو مشروع (…)
(6)يمكن ان تتحقق الأنا وتصبح شخصا. (7)ويفترض هذا التحقق 8الاعتراف بحدود الذات(9) وخضوعها الطوعي لما يتجاوزها،(10)وإبداع القيم،(11) والهروب من الذات في اتجاه الغير.(12) ولكن الأنا يمكنها كذلك أن تظل منغلقة على نفسها ومستغرقة فيها، عاجزة كن الانفتاح على الغير.(13) إن التمركز حول الذات (…) هو العقبة التي تواجه عملية تحقق الشخص، (14)أما الشرط الأساسي لتحقق الشخص، فيتوقف على استبعاد التمركز حول الذات والتطلع باستمرار نحو الغير سواء كان(15)) فردا او جماعة”
حلل النص وناقشه
(من الامتحان الوطني- دورة يوليوز2008 آداب)

نموذج ممكن إنشاء فلسفي::
اضغط هنا لمشاهدة الصورة التالية بحجمها الأصلي

تعليق لإحدى التلميذات في منتدى الحجاج::
بصراحة شكرا على هدا الإنشاء التحفة،حقا استمتعت كثيرا بهده البراعة في الانسياب بين الأفكار والمفاهيم والأطروحات،والانتقال من لحظة لأخرى بخفة وسلاسة…تجربة إنشائية مفيدة فعلا وبكل المقاييس
(…)دعني أتفق معك في البداية أن مثل هدا النوع من التجارب المبدعة والملموسة لم نتعود عليها،بل هي نادرة إن لم أقل منعدمة تقريبا. أكيد أن مثل هده التجارب مفيد ومفيد جدا، وحبدا لو ينهجه كافة مدرسي الفلسفة..لأنه طريق يؤكد لنا بالملموس أن توجيهات الكتابة الفلسفية ممكنة فعلا، وليست فقط ،مجرد شعارات نلقي بها في وجه التلميد دون نمادج للاستئناس.
أما وجه الامتناع فهو القدرة على الجمع بين الحسنيين،منهجية دقيقة ومضبوطة تتسم بالتدرج والتماسك ومعارف غزيرة ووظيفية مستحضرة بالقدر المطلوب وموظفة بشكل متين. طبعا على التلميد أن يسعى لرفع هدا الامتناع بالتمرن باستمرار على الكتابة،لكن ماحيلة التلميد المفتقد لمثل هده التجارب النيرة..؟
لدلك دعني أقول أنا أغبط التلاميد الدين يدرسون عندكم وأضيف، وبصدق، أن التجربة التي قدمتم هي تجربة رائدة ومبتكرة،ولي اليقين أنها نهج إن تمكن درس الفلسفة من ترسيخه كتقليد جار في العمل سيمكن التلاميد المجدين من بلوغ الغايات المرجوة بشكل مرض،وسينقد الدرس الفلسفي من آفة العمومية والخبط والغموض المنهجي.

Facebooktwitterredditmailby feather

كيفية التعامل مع السؤال المفتوح بحسب أداة الاستفهام

كيفية التعامل مع السؤال المفتوح بحسب أداة الاستفهام

تقتضي منا صيغة السؤال الإشكالي المفتوح أن نقف أولا ومطولا عند دلالات الكلمات أوالحدود المكونة لمنطوق السؤال، فمن تحديد هذه الدلالات يمكن أن نقف على علاقات ومعان نتخدها كإمكانيات للإستشكال (الطرح الإشكالي) أو لبناء مواقف وأطروحات في سعنا للجواب على السؤال.
ولعل أول لفظة أو حد يتوجب الوقوف عنده هو أداة الاستفهام نفسها التي يفتتح بها السؤال!! فهي التي تحدد المطلب، لذا وجب أولا التفطن إلى المطلوب، والجدول التالي يعرض أهم أدوات الاستفهام ومطلب كل واحدة منها، وإمكانيات التعالم مع سؤالها

Facebooktwitterredditmailby feather

مقاربة قولة فلسفية من خلال بنيتها المنطقية

مقاربة قولة فلسفية من خلال بنيتها المنطقية

أهلا بالتلاميذ الأعزاء وبالزملاء الكرام
في مايلي معطيات سبق لي تناولها مع تلامذتي في القسم في الآونة الأخيرة، أعرضها هنا تعميميا للفائدة

وفق مذكرة الأطر المرجعية، سيكون تلامذة مسلكي الآداب والعلوم على موعد مع سؤال يتضمن مطلبين، يهمنا هنا المطلب الأول الذي يأتي بصيغة:
– اشرح مضمون القول و..
أو
– أوضح مضمون القول و ..

السؤال الآن، كيف لي أن أوضح قولة تتكون من سطر أو سطرين في أغلب الأحوال؟
ماذا عساني أشرح فيها؟ :icon_scratch:
للتبسيط مرة أخرى، أقول عليك أن تنشغل بثلاثة أمور:
1- الوقوف عند دلالات المفاهيم التي تتكون منها القولة. وقد بينت كيفية ذلك في هذا الموضوع: كيفية إنجاز مطلب التحليل في صيغة القولة المذيلة بسؤال
2- الانتباه إلى البنية المنطقية للقولة؛
3- بناء الحجاج المفترض أي الأدلة والحجج والاستدلالات والاستشهادات والأمثلة التي من شأنها دعم وتبرير وتسويغ أطروحة القولة.
ملحوظة: العمليات الثلاثة متداخلة وأحيانا متزامنة :icon_santa:

سأشرح لكم اليوم العملية الثانية وهي : الانتباه إلى البنية المنطقية للقولة
الهدف من هذا الاشتغال معرفة:
-هل القولة تثبت أم تنفي أم تفترض أم تعمم أو تخصص..إلخ
– ماهي العلاقة أو العلاقات بين مفاهيم القولة أو قضاياها أو عباراتها؟
وكل هذا في أفق استجلاء أطروحة القولة

لنضرب أمثلة، فهذا أفضل من الاستمرار في التنظير :icon_scratch: :
المثال الأول:
بإمكان العنف أن يدمر السلطة، لكنه بالضرورة عاجز عن خلقها
أداب يونيو2008
كما ترى ، تتكون القولة من عبارتين، يجمعها رابط منطقي هو أداة الاستدراك”لكن”
يستعمل الاستدراك لنفي ما سبق أو الحد من قيمته أو صدقيته أو صلاحيته مقابل التأكيد على ما سيأتي.
ما الذي سبق؟ ما سبق قوله أن بإمكان العنف أن يدمر السلطة، أي أن يلغي سلطة قائمة. لاحظ هنا صيغة الإمكان، يعني من المحتمل، في بعض الحالات. والإمكان هو ما يتساوى وقوعه وعدم وقوعه
نعلم أن ما يأتي بعد الاستدراك، يكون أقوى في السلم الحجاجي وأقرب إلى اعتقاد المتكلم
ماذا أتى بعد الاستدراك؟ أتى “أن العنف عاجز بالضرورة عن خلق سلطة غير موجودة بعد”، لاحظ صيغة الضرورة في الشق الثاني مقابل صيغة الإمكان. والضروري هو مالا يمكن تصور عدم وقوعه !
ماهي أطروحة القولة؟ يسلم صاحب القولة بحكم على سبيل الإمكان وهو قدرة العنف على تدمير سلطة قائمة، لكنه يستدرك ليثبت حكما ضروريا وهو أن العنف عاجز عن خلق وتأسيس سلطة غير موجودة بعد
ومنه نستنتج أن وظيفة العنف وظيفة سلبية وليست وظيفة إيجابية، وظيفة إلغاء وإعدام لا وظيفة خلق وإيجاد..
والآن لماذا لا يتمتع العنف سوى بوظيفة سلبية؟ علي هنا أن أبني الحجاج المفترض الداعم لهذه الفكرة/الأطروحة قبل مناقشتها لاحقا

تمرين:
تأمل في البنية المنطقية للقولة التالية مستفيدا مما رأيناه قبل قليل:
“إن اللغة هي ما يجعل من الإنسان إنسانا، غير ان هذا الأخير كان بإمكانه أن يبدع اللغة حتى لو لم يكن إنسانا قبل ذلك”
آداب يونيو2006

المثال الثاني:
الإنسان إرادة حرة، وسلوكه لا يمليه شيء آخر سواه: فالحرية تفترض استقلالية الإرادة
آداب يوليوز 2009

لعلك تلاحظ ان هذه القولة تتكون من ثلاث قضايا أوعبارات
بين الأولى والثانية أداة عطف أو وصل هي الواو وبين هذين والثالثة وأداة تفسير هي حرف الفاء. يمكن أن تكون فاءا “سببية” لكن وظيفة التفسير تؤكده أيضا نقطتا التفسير (:). وتقدير الفاء هنا “ذلك أن..”
يقرر صاحب القولة أولا الإنسان إرادة حرة. لاحظ أنه لم يقل الإنسان هو إرادة حرة. مما يعني أن الإرادة ليست فقط صفة للإنسان، بل هي ماهيته! إذن فهو يطابق بين الإنسان والإرادة. جوهر الإنسان هو الإرادة.
على هذا التقرير عطف صاحب القولة قضية أخرى، وهي أن السلوك الإنساني لا تلميه ولا يصدر سوى عن الإنسان، وحيث أنه سبق أن طابق بين الإنسان والإرادة سنقول إن سلوك الإنسان لا تمليه سوى الإرادة وهذا يذكرنا بقولة بوسييه..إلخ لاحظ كيف أن صاحب القولة ينفي كل المحددات والحتميات لتفسير وقوع السلوك، ويرده إلى الإرادة وحدها…
فسر صاحب القولة هاتين القضيتين بقضية ثالثة تفيد “الحرية تفترض استقلالية الإرادة”، أي استقلالية الإرادة عن المحددات والحتميات سواها. و إذا قلنا (أ) تفترض (ب) معناها أن (ب) شرط (أ)، يستدعي وجود (أ) وجود (ب) أولا. أن التفكير في (أ) يستوجب التفكير في (ب).. إلخ
لاحظ كيف أن مفهومين من مفاهيم القضية الثالثة متضمنة في القضيتين الأولى والثانية: فمفهوم الحرية متضمنة في القضية رقم2، بينما مفهوم الإرادة متضمنة في القضية رقم1
أما المفهوم المركب بالإضافة: استقلالية الإرادة فمتضمن في القضية رفم2
وهذا يؤشر على التماسك المنطقي للقولة إذا ما أردنا مناقشتها وتقييمها.
ماهي أطروحة القولة إذن؟ أطروحتها كامنة في القضية رقم 1 لأن القضية رقم2 معطوفة على رقم1 ورقم ثلاثة تفسير لهما معا !!
أطروحة القولة كامنة في المطابقة بين الإنسان وحرية الإرادة، ماهية الإنسان هي الحرية أو هي إرادته الحرة، وينجم عن ذلك أن سلوكاته لا تمليها سوى إرادته، وتفسير ذلك أن الحرية تفترض كشرط لها استقلالية الإرادة (ربما تعرفت على دلالة هذا المفهوم عند كانط)

تمرين:
حاول الاشتغال على البنية المنطقية للقولة اتلالية مستعينا بما رأينه في المثال2
إن إقامة السلطة هي التي تزيل العنف، بحث تبدو بمثابة قوة لمحو العنف عبر تأسيس الحق”
تأمل في وظيفة “حيث”

المثال الثالث:
ليست النظرية معرفة، بل ما يتيح المعرفة.. إنها ليست حلا لمشكل، بل إمكانية لمعالجته
علوم- يوليوز2009

هنا ينبغي التمعن قليلا! نحن أمام قولة مكونة من شقين لهما نفس البنية المنطقية ” ليست… بل..”. وكل شق منهما مكونة بدوره من عبارتين
نعرف أن “بل” في النحو أداة إضراب. للتوضيح أكثر سنقول إنها إضراب عما سبق أي نفي لما سبق من أجل إثبات ما سيأتي
لنتأمل الشق الأول
ليست النظرية معرفة، بل ما يتيح المعرفة
مالذي تم نفيه؟ أن تكون النظرية معرفة. ومالذي قد يشكل معرفة؟ ما عسى النظرية تكون إن لم تكن معرفة؟ ما المعرفة يا ترى؟
الجواب إنها فقط أداة تتيح إمكانية المعرفة، منهج لتحصيل المعرفة وليست معرفة بحد ذاتها. لعل هذا يذكركم بالتصورات الوضعية مع بيير دوهيم مثلا حيث تقتصر وظيفة النظرية على وصف القوانين التجريبية بواسطة أقل عدد ممكن من المبادئ
بعيارة أخرى، فمادة المعرفة تكمن في التجربة.
نتابع،
في الشق الثاني نقرأ:
.. إنها ليست حلا لمشكل، بل إمكانية لمعالجته
هنا أيضا نفي وإثبات، نفي لكون النظرية حل المشكلات (سواء كانت مشكلات علمية صرفة أو مشكلات تكنلوجية) وإثبات لكونها إمكانية لمعالجة المشكل
ما عساها تكون النظرية إن لم تكن حلا لمشكلات؟ من المحتمل أن صاحب القولة يمنح للتجربة هذا الدور أي القدرة على حل المشكلات، بعد أن تقدم النظرية إمكانية وإطارا للحل. وبالفعل ينضح تاريخ العلم بأمثلة لنظريات ساهمت في دفع التجربة إلى إيجاد الحل الملائم. أشهرها مشكلة عدم ارتفاع الماء في المضخات إلى أكثر من 32 قدما (حوالي 10 متر) زمن غاليلي وتورشلي. فقد ساهمت تجربة أنبوب الزئبق المغمور في حوض زئبق في اكتشاف أصل المشكل الذي هو الضغط الجوي…
ماهي أطروحة القولة إذن؟ إنها نفي ورفض للأطروحة القائلة باحتواء النظريات على معرفة ما، إنها مجرد أداة أو منهج للمعرفة…

أتمنى أعزائي التلاميذ أن تفيدكم هذه الخطوات المنهجية في تحليل القولة لأن جودة التحليل تقاس بمدى توقف التلميذ عند القولة وحفره في معانيها وقدرته على الإنصات لمراميها في أفق استجلاء أطروحتها بأكبر قدر ممكن من الدقة.

والله الموفق :warda:
ملاحظة للزملاء المدرسين: تتداخل البنية المنطقية هنا مع البنية النحوية، ولا عجب في ذلك فالروابط المنطقية هي أصلا روابط نحوية، وقد قال أبو حيان التوحيدي في رسالة “ما بين المنطق والنحو من المناسبة” ضمن المقابسات: “النحو منطق عربي والمنطق نحو عقلي وجل نظر المنطقي في المعاني وإن كان لا يحوز له الإخلال بالألفاظ التي هي لها كالحلل والمعارض، وجل نظر النحوي في الألفاظ، وإن كان لا يسوغ له الإخلال بالمعاني التي هي لها كالحقائق والجواهر” القولة

أتمنى لكم التوفيق :warda:

Facebooktwitterredditmailby feather

كيفية إنجاز مطلب التحليل في صيغة القولة المذيلة بسؤال

كيفية إنجاز مطلب التحليل في صيغة القولة المذيلة بسؤال

أهلا بكم
هذا تدوين آخر لأجزاء من حصص أنجزتها مع تلامذتي أنشرها تعميما للفائدة..

كما هو معلوم، تُطرح عليكم يوم الامتحان ثلاث مواضيع تحتارون من بينها واحدا لتجيبوا عنه. سأركز اليوم على الموضوع الثاني وهو القولة المذيلة بسؤال، وسأركز بشكل خاص على مهارة أو مطلب التحليل
أولا، ماهي القولة؟ وبم تتميز عن النص أو السؤال:
للقولة خاصيتان:
1-الإيجاز الشديد: القولة هي عبارة فلسفية موجزة تتكون في الغالب من جملة إلى ثلاث جمل. وإيجازها يعني أن معانيها مكثفة أو شديدة التكثيف ! إنها تقول أشياءا كثيرة في كلمات قليلة !! بمعنى أن المفردة أو المفهوم الواحد يحيل على معان ودلالات وأفكار شتى (يتعين التفطن إليها وعرضها)
2- غياب الحجاج: القولة ثانيا هي عبارة عن اطروحة بدون حجاج. تتضمن موقفا فلسفيا من قضية أو إشكالية ما، لكن لم تتح لصاحبها المحاججة على أطروحته وموقفه نظرا لضيق الحيز (وعليه يتعين إعادة بناء الحجاج المفترض. كيف؟ سأخصص لذلك موضوعا مستقلا)

سأركز اليوم على الخاصية الأولى أي على خاصية الإيجاز الشديد
ماالمطلوب منك إزاء الإيجاز الشديد للقولة؟
المطلوب منك قبل أن تهرع وتسرع إلى المواقف المؤيدة والمعارضة أن تتوقف قليلا وبكل هدوء لكي “تتوسع في القولة” كما يقال، أي أن تشرحها وتكشف عن مختلف دلالالتها بحيث إذا كانت القولة تمتد على سطر أو سطرين فعليك بسطها في حوالي 10 أسطر. وهذا هو جوهر التحليل
والمعضلة هي: كيف أقوم ببسطها والتوسع يها!؟ :icon_scratch: كيف أستخرج من سطر واحد 10 أسطر !؟ :icon_eek:

لأجل ذلك، أقدم لك هذه التوجيهات المبسطة التالية لتستعين بها على إنجاز هذه المهمة
لكل مفهوم فلسفي ثلاث أنواع من الدلالات، نستحضرهاا كلها أو بعضها من أجل فهم معناه:
أ- ما يشير إليه المفهوم
ب- ما يستدعيه إما على سبيل الاقتضاء أو التلازم..
ج- ما يستبعده على سبيل التناقض
لا تفزع ! سأشرح لك ليس من خلال مثال واحد بل عدة أمثلة:

المثال الأول:
وردت في الامتحان التجريبي الذي بعثت به النيابة القولة التالية:
“لكي تبرر الدولة حقها في مطالبة الرعية بالطاعة، عليها أن تحقق لهم السعادة الدنيوية وتصون كرامتهم”
لنتوقف عند مفهوم الطاعة مثلا، ولاحظوا أننا سنستخرج منه العجب العجاب ! :icon_biggrin:
أ- ما يشير إليه المفهوم: تشير الطاعة إلى الامتثال والخضوع وتنفيذ أوامر
ب- ما يستدعيه إما على سبيل الاقتضاء أو التلازم: تستدعي الطاعة مفهوم السلطة، لاطاعة لمن لاسلطة له ! كما أن تعريف السلطة هو الصفة أو القدرة التي يملكها طرف من أجل إجبار طرف آخر على الخضوع والامتثال وتنفيذ أوامر..
تطوير محتمل أستثمره في التحليل أو المناقشة: لماذا أطيع وأمتثل؟ مامبرر الطاعة؟ أنواع المشروعية..إلخ
ج- ما يستبعده على سبيل التناقض: يستبعد مفهوم الطاعة مفاهيم العصيان، التمرد، الاحتجاج..
تطوير محتمل أستثمره في التحليل أو المناقشة: ماذا لو حدث عصيان أو احتجاج؟ ماهي أساليب الدولة لفرض الطاعة؟ هل تكتفي الدولة بمطالبة المواطنين بالطاعة أم تفرض عليهم الطاعة؟ بأية أساليب؟..إلخ

المثال الثاني:
أثناء الدرس، وبالضبط أثناء البناء الإشكالي في حور العدالة بين المساواة والانصاف، وقفنا عند قولة آلان: “مالحق؟ إنه المساواة ، ولقد ابتُكر الحق ضد اللامساواة”
لنتوقف عند مفهوم قد لا تعيرونه أي اهتمام عند تحليل الفولة ألا وهو مفهوم الابتكار (ابتُكر الحق…)
أ- ما يشير إليه المفهوم: الابتكار هو اختراع وإيجاد شيء لم يكن..
ب- ما يستدعيه إما على سبيل الاقتضاء أو التلازم: الحق الذي هو المساواة حسب آلان هو ابتكار بشري، إنتاج من إنتاجات الثقافة والعقل البشري، ظهر في فترة من الفترات ولم يكن موجودا منذ الأزل
ج- ما يستبعده على سبيل التناقض: ليست المساواة إذن معطى طبيعيا أو أوليا ! بالعكس ماهو طبيعي هو اللامساواة. الأصل هو اللامساواة بين الناس في القدرات الجسمانية (القوة، الجمال..) وفي القدراتا لعقلية… والدليل على ذلك تتمة الجملة: “ابتُكر الحق ضد اللامساواة”

المثال الثالث:
في بداية درس السعادة وفقنا على التعريف التالي:
“ألسعادة حالة إرضاء وإشباعتام للذات في كليتها، اشباعا يتسم بالديمومة..”
لنركز هنا على مفهوم “الكلية” و “ديمومة” مكتفين ب
ج- ما يستبعده على سبيل التناقض:مفهوم الكلية يستبعد الإشباعات الجزئية من قبيل لذة الظل في يوم حار أو لذة شراب أو طعام… أما مفهوم الديمومة فيستبعد أشكال الإشباع والإرضاء التي تتميز باللحظية مثل الفرح حتى وإن بلغت أحيانا درجة تفوق الوصف.. (أطير فرحا :icon_bounce: )

ملاحظة عامة: ما ذكرته سابقا تقنيات من أجل تحليل مفاهيم القولة. ولكن لابد من تنبيه مفاده أن التحليل يتم في الغالب بفضل توظيف المعرفة الفلسفية التي اكتسبناها أثناء الدرس أو دوناها في الدفتر أو قرأناها في ملخص او أي مصدر مكتوب آخر..
لايعني التحليل أن تنسى كل ما درسته في مادة الفلسفة وتتناطح مع القولة أعزلا ! ستنطحك القولة بدون شك وتلقيك أرضا !! :icon_biggrin: وستكتفي باجترار سطحي لمفردات القولة! المعرفة الفلسفة تجعل شرحنا لقولة فلسفية شرحا فلسفيا بدوره !

في المرة القادمة، سأتحدث عن البنية المنطقية للقولة.. التي ينبغي الانتباه إليها من أجل فهم سليم لأطروحة القولة

أتمنى لكم التوفيق :warda:

Facebooktwitterredditmailby feather

كيفية إنجاز مطلبي التحليل والمناقشة في صيغة السؤال المفتوح

كيفية إنجاز مطلبي التحليل والمناقشة في صيغة السؤال المفتوح

التلاميذ الأعزاء
كما هو معلوم، تطرح عليكم في الامتحان الوطني ثلاثة مواضيع تختارون من بينها موضوعا واحدا تجيبون عليه
سأركز اليوم على الموضوع الأول فقط أي السؤال الإشكالي المفتوح
وإذا كان الإنشاء يتكون من مقدمة وعرض وخاتمة، فسأتحدث اليوم بالتحديد عن العرض فقط
كنا تعرفون فالعرض هو المكان المخصص للتحليل والمناقشة
ولكن ماذا سنحلل وماذا سنناقش؟
بشيء من التبسيط سنحلل مفاهيم السؤال لكي نقف على الإشكال الذي ينطوي عليه السؤال ونستكشف مختلف دلالات والأبعاده التي يدعونا السؤال إلى التفكير فيها ثم نناقش مختلف إمكانيات الجواب/الحل التي يحتملها، وكل ذلك بشكل مندمج ومنسجم ثم نخرج في الأخير بحل للإشكال

مثال: هل هناك طريقة واحدة لبلوغ الحقيقة؟
لمعالجة هذا السؤال ينبغي الانتباه في العرض إلى قاعدتين منهجيتين:

القاعدة الأولى: استعراض مختلف الأجوبة الممكنة
أي أن أفحص مختلف الإمكانيات وأقلب الأمر على مختلف وجوهه

لكن قبل ذلك، سنقوم بتحليل مفاهيم السؤال: الطريقة يعني المنهج، الحقيقة تعني .. إلخ
وننتبه إلى أن السؤال يفترض أن بإمكاننا بلوغ الحقيقة، ويتساءل فقط عما إذا كانت الطريق إلى الحقيقة طريقا واحدا أم طرقا متعددة؟
لكن بما أن السؤال يبدأ ب "هل" وهي أداة استفهام ، ولانحتاج إلى أى تفلسف لكي نعرف أنها أداة استفهام تستدعي جوابا بالإثبات أو النفي
لكن انتبه: ليس مطلوبا منك أن تقول "نعم، هناك طريقة واحدة" أو أن تقول:" لا، هناك عدة طرق". حبذا لو كانت الأجوبة الفلسفية بهذه البساطة :icon_biggrin:
ثم إن السؤال المبتدئ بهل: يتضمن دائما نصف جملة محذوف
مثلا، لدينا سؤال: هل كنت حاضرا؟
السؤال في الواقع هو: هل كنت حاضرا أم غائبا؟
لكننا نستغني عن الشق الثاني لأنه في العادة معلوم عند السائل والمسؤول

ماذا يعني كل هذا؟ يعني أن عليك أن تتفحص كلا الاحتمالين، أي:

1- كيف تكون هناك طريقة واحدة لبلوغ الحقيقة؟ مثلا:
-مادامت الحقيقة واحدة فمن المفترض ان تون طريقة بلوغها واحدة
– إذا تعلق الأمر بالعلوم التجريبية، فطريقة بلوغها واحدة، المنهج التجريبي؛ إذا تعلق الأمر بالرياضيات والمنطق، فالطريقة هي الاستنباط
-هنا يمكننا الاستئناس بموقف ديكارت بشأن منهج اكتشاف الحقيقة: الحدس والاستنباط
– للحقيقة عن المتصوفة طريقة واحدة هي الحدس، الذوق والزهد..
باختصار إلى نظرنا إلى كل حقيقة أو كل مجال معرفي في حد ذاته، فهناك طريقة واحدة لبلوغ الحقيقة.
.. إلخ إلخ

2- كيف تكون طرق بلوغ الحقيقة متعددة ؟ مثلا:
– (بالنسبة لتلامذة الشعبة الأدبية) إذا تعلق الأمر بحقيقة الظواهر الإنسانية ، هناك على الأقل طريقتان: الفهم والتفسير
– إذا نظرنا إلى الحقيقة في تعدد أنواعها ومجالات انطباقها: تجريبية، رياضية منطقية، دينية.. فلاشك أن الطرق متعددة
– يمكننا أيضا الاستئناس بموقف كانط الذي ينكر إمكانية وجود معيار صوري وكوني للحقيقة. هناك على الأقل نوعان من الحقيقة: مادية وصورية..
.. إلخ إلخ

القاعدة الثانية: ترتيب الأجوبة الممكنة ترتيبا منطقيا
قلنا أن لدينا على الأقل جوابين محتملين على السؤال، لكن يبقى المشكل هو :
بأي إمكانية أو كما يقال بأي موقف سابدأ؟ الموقف القائل بتعدد الطرق ام القائل بوحدة الطريقة!؟ :icon_scratch:
في الواقع لست حرا في أن تبدأ بما تشاء ! :icon_biggrin:
هناك مبدأ ينبغي الالتزام به عند ترتيب الموقفين:
لو أن أباك سألك عن الظالم والمظلوم، أخوك أم أختك؟
بم ستجيب!؟
للو أنك -أيها العفريت- كنت منحازا أو متعاطفا مع أختك، من المحتمل أن تجيب أباك: أخي يقول كذا وكذا، لكن أختي تقول…
أما لو كنت -أيها العفريت- منحازا أو متعاطفا مع أخيك، من المحتمل أن تجيب أباك: أختي تقول كذا وكذا، لكن أخي يقول…
ماذا أقصد؟ أقصد أننا عادة نبدأ بالموقف الي لا نتفق معه لنعقب عليه وننتقده وربما نهدمه بالموقف الذي نعتقد أنه صائب
إذن الفيصل في ترتيب المواقف في الإنشاء الفلسفي هو النتيجة التي يريد أن تخلص إليها ايها التلميذ !!
لقد تعلمنا من نصوص الفلاسفة الذين درسنا نصوصهم أثناء البناء الإشكالي للدروس، أن الفيلسوف غالبا مايعمد أولا إلى عرض الأطروحة المنافسة، قبل ان ينتقل ثانيا إلى دحضها لكي يؤسس على أنقاضها أطروحته الخاصة. مثال نص ميرلوبونتي في درس الغير بالنسبة لمن يستعمل منكم كتاب منار الفلسة، وهو نص يبدأ هكذا: يقال أن الغير يحولني إلى موضوع وأنفيه.. إلخ

وعليه، انصح تلامذتي بما يلي:
إذا كنت أيها التلميذ لسبب او لآخر، إما لأنك تميل وجدانيا وشخصيا إلى الموقف الأول، أو لأن ما برصيدك من حجج واستدلالات على الموقف الأول أقوى مما بحوزتك فيما يخص الموقف الثاني، فعليك وجوبا أن تبدأ بعرض الموقف الثاني. لماذا؟ لأنه:
– لايعقل ان تقدم أولا الموقف الأقوى حجاجيا ثم تعترض عليه بموقف أضعف منه، بل العكس أولى!!
– يستحسن أن يكون موقفك الذي ستخلص إليه في التركيب هو نفسه آخر شيء أكدت عليه في العرض. ذلك أن الإنشاء الفلسفي في حالة السؤال المفتوح يتخذ غالبا بنية "نعم.. ولكن.." أو "لا.. ولكن..". وفي كل جملة على نمط: "نعم.. ولكن.." أو "لا.. ولكن.." يكون ما يأتي بعد الاستدراك (لكن..) أٌقوى مما قبله في السلم الحجاجي.
.
كما تلاحظون، لابد أن تحشروا وتقحموا أنفسكم في الموضوع وفي القضية التي يطرحها السؤال :icon_bounce: لا أن تظلوا مجرد متفرجين وكأن الأمر لايعنيكم
عليك أن تسأل نفسك قبل ترتيب الإمكانيات: ماذا أريد أنا شخصيا بالضبط؟ إلام أريد أن أخلص؟
ومن اجل إفهام تلامذتي وإقناعهم بهذه القاعدة المنهجية، أضرب لهم مثلا من رواية أليس Alice في بلاد العجائب، حيث تقف أليس Alice على مفترق طرق وتسأل أحد الحيوانات: رجاءا، إنني حائرة! أي طريق اختار ؟ :icon_scratch:
فيسألها: يتوقف ذلك على الوجهة التي تقصدين. إلى أين تريدين الذهاب؟
تجيب أليس: في الحقيقة، لا أعرف :icon_redface:
فيجيبها: في هذه الحالة، لايهم أي طريق تسلكين !! :icon_biggrin:
فيضحك التلاميذ !! لكنني أؤكد لهم أن الأمر ينطبق عليهم تماما. فبالمثل، إذا لم تكن أيها التلميذ تعرف إلام تريد أن تخلص، فلايهم بم تبدأ وإلى أين تنتهي !!!

أتمنى لكم التوفيق :warda:
ملاحظة: ما قدمته أعلاه مجرد تحرير وتوثيق وتدوين لمجريات جزء من حصة (حوالي 15 دقيقة) أنجزتها مع تلامذتي ذات يوم أثناء إنجاز الدرس… ربما بسبب سؤال طرحه أحد التلاميذ..

Facebooktwitterredditmailby feather

كيف أختار موضوعا من المواضيع الثلاثة يوم الامتحان الوطني؟

كيف أختار موضوعا من المواضيع الثلاثة يوم الامتحان الوطني؟

أعزائي التلاميذ
زملائي الكرام
أنجزت مع تلامذتي حصة خاصة عنوانها: كيف أختار موضوعا من المواضيع الثلاثة يوم الامتحان الوطني؟
لماذا؟
لأن النجاح في الامتحان يتوقف -كما هو معروف- على عاملين: الإعداد المعرفي والإعداد النفسي، أو بلغة الكفايات على نوعين من الكفايات: كفايات معرفية-منهجية وكفايات استراتيجية
لن نتحدث عن الإعداد المعرفي والكفايات المعرفية-المنهجية (مراجعة الدروس والملخصات، توسيع دائرة الاطلاع على كتب ومجلات، التمرن على إنجاز إنشاءات..)، بقدر ما سنقتصر على الإعداد النفسي والكفايات الاستراتيجية

لئلا تكون حرية الاختيار حرية عمياء:
يحظى تلميذ الباكالوريا في الفلسفة بفرصة ربما لايحظى بمثلها في مواد أخرى، وهي اختيار موضوع واحد من بين ثلاثة مواضيع تعرض عليه في الامتحان الوطني: سؤال إشكالي، قولة مذيلة بسرال ونص للتحليل والمناقشة.
لكن كيف يمكن لتلميذ أن يحسن الاختيار!؟
ألاحظ أحيانا أن بعض تلامذتي يخرجون من قاعة الامتحان، فأسأله عما صنع، ويلخص لي ما كتب، فأجد جوابه متواضعا وأنه اختار موضوعا ما كان ينبغي له اختياره؟ :icon_confused: وأناقشه في الموضوع الآخر لأكتشف -دون إخباره حتى لا أحبطه- بأنه كان قادرا على الكتابة فيه بشكل جيد أفضل من ذاك الذي اختاره!!
هناك إذن اختيارات سيئة ! وأخطاء بسيطة ما كان لها أن تؤثر على سنة كاملة من الإعداد المعرفي.
رأينا في درس الحرية نوعا من الحرية يمكن تسميته الحرية العمياء: وهي حرية الاختيار دون علم! اختيار نلقيه على عاتق الصدفة والحظ ، مثل من يطلب منه أن يقول هل العملة النقدية ستسقط على الوجه أم الظهر pile ou face !!؟ إنه حر في أن يختار “وجه” أو “ظهر” ولكن هناك حقا سبب وجيه لاختيار هذا أو ذاك !!؟

لكي لاتكون حرية الاختيار يوم الامتحان حرية عمياء، ينبغي الالتزام ببعض القواعد:

القاعدة الأولى: لا تكبل نفسك.
لا أدخل قاعة الامتحان وقد قررت مسبقا وقبليا أن أكتب في القولة أو النص أو السؤال، لأن هذه أسهل من تلك كما يشاع.. بهذا القرار،إنما تُضيق الخناق على نفسك :icon_pale: وتحرمها من حرية الاختيار؛

القاعدة الثانية: لا لرد الفعل القطيعي:
صحيح ان لدى الإنسان شيئا من “غريزة القطيع” بحيث يستشعر الأمان كلما وجد نفسه مع الجماعة: يمضي حيث يمضي الآخرون ويختار ما يختاره الآخرون. إذ حتى لو كان القرار خاطئا وأصاب اجماعة البلاء، فإن البلاء إذا عم هان! لكن هذا الانحياز إلى الجماعة لا يكون موقفا حكيما دائما! ولا يعقل أن اختار موضوعا من المواضيع الثلاثة وليكن النص أو السؤال أو القولة فقط لأن كل رفاقي في قاعة الامتحان قد اختاروا الكتابة فيه !!.
بالعكس، الامتحان شأن فردي، فيه يتقرر مصير الفرد وليس مصير الجماعة، لذا ينبغي أن اختار الموضوع الذي أراه الأسهل بالنسبة لي والملائم لكفاءاتي وقدراتي ومراجعاتي، لا ما يعتقده رفاقي سهلا وملائما

القاعدة الثالثة: قراءة المواضيع االثلاثة:
بالنسبة للمسالك الأدبية مثلا، يمنح المترشحون ثلاث ساعة، فلا بأس من تخصيص ربع ساعة الأولى لاستكشاف المواضع الثلاثة. 5 دقائق لكل موضوع
أقرأ السؤال الإشكالي، أتمعن في مفاهيميه، وأفكر في إمكانيات الجواب وما إذا كنت أملك معطيات معرفية تسمح لي بتقديم هذه الإمكانيات (مواقف فلسفية، استشهادات، امثلة..) وأدون كل ذلك على شكل إشارات مقتضبة في المسودة
أقرأ القولة ، أتمعن في مفاهيمها، والتقابلات التي تستدعيها وأحدد أطروحتها، وأسأل نفسي: هل أملك معطيات معرفية (مواقف فلسفية، استشهادات، امثلة..) تسمح لي بشرح القولة وتبرير موقفها ثم مناقشته وفحصه وأدون كل ذلك على شكل إشارات مقتضبة في المسودة
أقرأ النص وهذه هي المهمة الأصعب، أحدد المفاهيم الأساسية، وأضع افتراضا أوليا حول أطروحته، وأحسب جيدا عدد جمل النص التي أستطيع فعلا فهمها وتلك الذي لم أفهم منها شيئا. وأسأل نفسي: هل أملك معطيات معرفية (مواقف فلسفية، استشهادات، امثلة..) تسمح لي بشرح جمل النص وأفكاره وأدون كل ذلك على شكل إشارات مقتضبة في المسودة

القاعدة الرابعة: لكل صيغة ما لها وما عليها
اعلم أنه لا توجد صيغة سهلة! ليس صحيحا أن النص أسهل من القولة أو أن السؤال أسهل من النص..كلا. فلكل واحدة من الصيغ الثلاثة جوانب سهولة وصعوبة. بمعنى أن كل صيغة تمنحني شيئا وتطالبني بأشياء

ما يقدمه السؤال المفتوح: الإشكالية واضحة تقريبا وهي نفسها التي يعبر عنها السؤال
ما لا يقدمه السؤال المفتوح: لا وجود لمعارف في السؤال، عليّ بناء الأجوبة الممكنة على السؤال

ما تقدمه القولة: الأطروحة واضحة تقريبا، والمفاهيم محدودة العدد
ما لاتقدمه القولة: لا تتضمن حجاجا ولاتقدم لي معطيات معرفية لتبريرها أو مناقشتها ونقدها،

ما يقدمه النص: معطيات معرفية غنية يمثل الاشتغال عليها وشرحها نصف العرض تقريبا
ما لايقدمه النص: لايتضمن النص إعلانا صريحا عن الأطروحة، بل ينبغي استنباطها من خلال تحديد شبكة المفاهيم الأساسية في النص.

القاعدة الخامسة: الاختيار عن علم
اعود إلى الإشارات والتخطيطات السريعة التي كتبتها أثناء تمعني في المواضيع الثلاث، لأحددها لموضوع الذي أحس أنني قد فهمته جيدا ولدي معطيات معرفية كافية لمعالجته (مواقف فلسفية، استشهادات، امثلة..)
مع العلم أن تفاصيل وأفكارا أخرى لن تحضر إلى الذهن إلا بعد الشروع في الكتابة في المسودة

نصائح أخيرة: موضوع سهل وموضوع ضعب . كيف !!؟
نعلم جيدا -كمدرسين- أن أول سؤال يطرحه التلميذ على نفسه عند قراءته لنص الموضوع يوم الامتحان هو: في أي درس وربما في أي محور يتحدث الموضوع؟ :quoi:
لذلك نستطيع أيضا كمدرسين أن نقول
بالنسبة للنص
الموضوع الأسهل هو:
– عندما يعالج النص بشكل مباشر إشكالية سبق تناولها في الملخص، ويتضمن تقريبا فكرة واحدة يقوم يتكرارها طوال النص. (نقول عنه إنه نص يتضمن وحدة إشكالية)
وأصعب نص هو الذي يتضمن مفاهيما كثيرة متنوعة يعجز معها الذهن عن التقاط الخيط الناظم أو الفكرة العامة (مثال: أنظر النص الثاني في المسابقة الوطنية للإنشاء 2010،) أو يتضمن جملا وتعابير كثيرة نعجز عن فهمها وشرحها بأسلوبنا شخصي وضرب أمثلة لتوضيحها

بالنسبة للسؤال:
– عندما يعالج السؤال بشكل مباشر إشكالية سبق تناولها في الملخص (مثال: هل القيام بالواجب نفي للحرية؟) محور الواجب والإكراه، أليس كذلك !؟ :icon_biggrin:
وان أصعب سؤال هو الذي يتطلب من التلميذ:
– تفكيرا شخصيا (مثال سؤال: هل تنحصر هوية الشخص وقيمته في الجسد؟)
– التركيب بين معطيات متفرقة في عدة دروس ومجزوءات (مثال: هل يقود تطور العلوم إلى إنكار قيام حقيقة نهائية؟)

بالنسبة للقولة:
أصعب قولة هي تلك التي لا نعرف بالضبط الإشكال أو التقابل الذي يحيل عليه (مثال: “إننا لانرى العالم بأعيننا بل ننظر إليه بمفاهيمنا”)
أسهل قولة هي تلك تعالج بشكل مباشر إشكالية سبق تناوله في الملخص (مثال: لايصنع التاريخ بمعزل عن إرادة الإنسان، ومع ذلك فإنه يصنع في جزء كبير منه خارج هذه الإرادة وضدها.”) دور الإنسان في التاريخ ألس كذلك !؟ :icon_biggrin:

مع متمنياتي لأعزائي التلاميذ بالتوفيق :warda:

Facebooktwitterredditmailby feather

تقريب منهجية الإنشاء الفلسفي للجذع والسنة1، مع تطبيقات

منهجية الإنشاء الفلسفي للجذع والسنة1، مع نموذج تطبيقي

أولا، فقرة موجهة لزملائي الأساتذة، أما التلاميذ، فيمكنهم الانتقال مباشرة إلى قراءة الفقرة الموالية
أقتسم معكم اليوم هذه الاجتهاد ويتعلق بكيفية تدريس تلامذة الجذع والسنة الأولى منهجية الإنشاء الفلسفي.. :icon_bounce:
لماذا؟ لأنني اعتقد أنه إضافة إلى الكتابة الجزئية التي يفترض ان يتمرس بها تلامذة هاتين السنتين، لابد لهم من اكتشاف الإنشاء ككتابة تركيبية، ولكن بطريقة مختلفة طبعا عن الطريقة التي سيكتشفونها بها في السنة الختامية (قبل أن تجتاح عقولهم مقولات المواقف المؤيدة والمواقف المعارضة!)
ثم إن الكتابة الجزئية شيء والكتابة الكلية شيء آخر ! فإنجازات التلاميذ وتعثراتهم تُظهر جيدا أننا باقتحامنا لعالم الإنشاء الفلسفي ككتابة كلية تركيبية، نقفز فقزة كيفية وليس فقط قفزة كمية، وهذا ما يفسر حيرة تلامذة السنة الختامية الذين يظهرون كمن أخذ على حين غرة :icon_eek: ، وكأن تمارين السنيتن السابقتين لم ينجحا في تهدئة روعهم وتوجيه بوصلتهم.. وأن الإنشاء الفلسفي “فن سري خاص” شبيه إلى حد كبير بفنون الخيميائيين !
تكمن فكرتي باختصار في أنه ينبغي لمنهجية الإنشاء أن تعرض أولا بصيغة تبسيطية على أساس أن يتم تدقيق هذه الصيغة مع تقدم التلاميذ في دراسة الفلسفة.
وكما ستلاحظون، فقد ارتأيت أن أبدا حقا من البداية، متسائلا مع تلامذتي عن “ماالإنشاء الفلسفي أولا؟” وقد كان هذا التساؤل خير مثال لما نطالبهم به في منهجية الإنشاء: أي الاشتغال على دلالات المفاهيم !!!!
ملاحظة تقنية أخيرة للزملاء الكرام: تمت أولا دراسة مضمون الجزء الأول الذي أعرضهم عليكم اليوم مع التلاميذ بطريقة تفاعلية، قبل طباعته وتوزيعه عليهم بعد انتهاء الحصة؛ أما الجزء الثاني الذي سأنشره في مشاركة مقبلة، فقد طبع ووزع عليهم ليشتغلوا عليه في منازلهم تمهيدا لدراسته في القسم

أولا-تعريف الإنشاء الفلسفي:
ربما كنت واحدا من الذين تستهويهم الفلسفة أو ينخرطون في النقاشات الشفوية داخل القسم، ولكن عليك أن تعلم أن تقييم واختبار قدراتك الفلسفية –وخصوصا في الامتحان الوطني- يتم من خلال عمل مكتوب تنجزه على شكل كتابة مقالية نسميها الإنشاء الفلسفي، فما الإنشاء الفلسفي؟
إنه أولا “إنشاء” وثانيا “فلسفي”
أ-معنى كونه إنشاءا: الإنشاء في اللغة يعني البناء، لذلك نسمي المباني بالمنشآت. والبناء كما تعلم يحتاج إلى مواد أولية، وتصميم ومراحل للإنجاز.
فالمواد الأولية هنا هي ثقافتك العامة والمعارف الفلسفية والمهارات المنهجية والأساليب اللغوية التي تتوفر عليها
والتصميم هو تلك البنية الثلاثية التي نسميها المقدمة- عرض-خاتمة، وهو أيضا الخطة التي ستعالج من خلالها الموضوع المطروح عليك لكي تخرج في النهاية بنتيجة ما.
ما ينبغي أن ننتبه إليه هو إن الذي يستنسخ ما هو موجود أصلا في الدرس أو الملخص ولا يبذل أي مجهود في بناء الموضوع وانتقاء المعلومات وترتيب الفقرات مثله مثل ذلك الذي يراكم الرمل بجانب الحصى والإسمنت بجانب الآجر والماء ..دون خلط وتصميم معتقدا أنه قد أنجز إنشاءا أي بناءا !! كذلك لا يمكن أن نضع المواد كيفما اتفق بل لابد من تصميم وخطة.

والإنشاء في اللغة يعني أيضا الخلق والابتكار مصداقا لقوله تعالى: “هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم”
بمعنى أن لا إنشاء دون شيء من الإبداع.ولايمكن أن “ننقل” أو ننسخ الإنشاء من مكان ما. لو سئلت اسئلة مباشرة، مثل: ما هو تعريف الأنا الأعلى؟ لكان الجواب طبعا جاهزا موجودا في مكان ما! بيد أن الإنشاء دائما ابتكار لشيء غير موجود ! صحيح ان مواده موجودة سلفا، لكن إنشاءنا ينسق بين هذه المواد ويقدمها بصورة مبدعة !
ب-معنى كونه فلسفيا: لكنك تعلم من جهة أخرى أنك مطالب في المواد الدراسية الأخرى بإنجاز إنشاءات. فما الذي يميز إنشاءنا عن غيره؟ يتميز بكونه فلسفيا. وفلسفي لا تعني أنك مطالب بأن تكتب مثل أرسطو أو ابن رشد، بقدر ما تعني أن عليك أن تبرهن عن بعض القدرات الفلسفية مثل
-الحرص على تسلسل الأفكار واحترام الروابط المنطقية وعدم الوقوع في التناقض؛
-عدم التوقف عند ظاهر الموضوع أو القضية، والسعي إلى الكشف عن خلفيات الأمور وبواطنها؛
-الاستخدام الدقيق للكلمات ومحاولة تعريفها لتغدو مفاهيم لا مجرد مفردات نحسب معناها واضحا في حين أنه ضبابي وغير واضح في أذهاننا. ولعلك ترى كيف وقفنا عند كلمة “إنشاء” نفسها وتعمقنا ففي فهم دلالاتها !
-النقد والتساؤل والشك ومساءلة الحقائق عوض الاكتفاء بقبول الأفكار، ومحاولة والدخول في جدل وحوار حتى مع الفلاسفة أنفسهم؛
-دعم أفكاري بحجج واستدلالات لتحظى بموافقة عقل القارئ واقتناعه
– لإقحام ذاتي في الإنشاء عوض الاختباء وراء أقوال الفلاسفة وفقرات الملخص. لأن التفلسف يقتضي العودة إلى الذات. أضف إلى ذلك أن القضايا الفلسفية تهمني وتخاطبني في المقام الأول مثل الرغبة، الوعي، الحق، العنف، المجمتع..

ثانيا-صيغ الإنشاء وأنواعه
اعلم أنك مطالب في فروض المراقبة المستمرة وفي الامتحان الوطني بكتابة إنشاءات فلسفية تختلف في ما بينها من حيث موضوع الانطلاق. فهناك:
-صيغة النص للتحليل والمناقشة:إنشاء فلسفي نكتبه انطلاقا من نص يقترح علينا (حوالي عشرة أسطر) مذيلا بسؤال: حلل وناقش
-صيغة القولة المذيلة بسؤال: إنشاء فلسفي نكتبه انطلاقا من قولة (من سطر إل ثلاث أسطر) تقترح علينا مذيلة بسؤال مثل: حلل هذه القولة وبين قيمتها..
-صيغة السؤال الإشكالي المفتوح: إنشاء فلسفي نكتبه جوابا على سؤال مباشر يطرح علينا. مثلا: هل يمكن تبرير العنف؟

رغم اختلاف هذه الصيغ الثلاثة، فإن بينهما قواسم مشتركة يجدر بك أن تعرفها منذ البداية
القاسم المشترك الأول هو المقدمة. كيفما كان الموضوع الذي ننطلق منه، فلابد لإنشائنا من مقدمة تتضمن:
-تمهيدا، وظيفته إشعار القارئ بوجود مشكلة أو غموض أو مفارقة أو تناقض تستدعي طرح الإشكال
-طرح الإشكال من خلال سؤال أو مجموعة من الأسئلة المترابطة

القاسم المشترك الثاني هو الخاتمة أو التركيب. كيفما كان الموضوع الذي ننطلق منه، فلابد لإنشائنا من خاتمة نلخص فيها بإيجاز نتائج التفكير الذي قمنا به في العرض وكذا الخلاصة التي خرجنا بها بعد أن فكرنا في الموضوع وقلبناه من مختلف الأوجه.

إذا كانت الصيغ الثلاثة تخضع لنفس المقتضيات والمطالب فيما يتعلق بالمقدمة والخاتمة، فإنها تختلف فيما بينها عندما يتعلق الأمر بالعرض، وسنخصص حديثنا الآن لصيغة النص للتحليل والمناقشة، مركزين على العرض فحسب.

ثالثا-صيغة الإنشاء المكتوب انطلاقا من نص للتحليل والمناقشة.
يتكون العرض في هذه الحالة من تحليل ومناقشة.
التحليل: الهدف من التحليل هو فهم النص وتفسيره، و للتحليل عدة أشكال ويمكن أن ننظم تحليلنا بطرق مختلفة، المهم أن نبرهن أثناء التحليل على حسن فهمنا للنص وفي مايلي تنظيم مقترح للعرض:
-تحديد الأطروحة؛
-تتبع لحظات تشكل هذه الأطروحة داخل النص؛
-الإشارة في نفس الوقت إلى الأساليب الحجاجية لأن تشكل الأطروحة يتم طبعا ضمن كتابة حجاجية؛
-الوقوف كلما دعت الضرورة عند أهم مفاهيم النص والتوسع في دلالالتها. دلالتها السيفقية أو دلالتها العام بحسب ما يقتضيه المقام.
المناقشة: للمناقشة هدفان:
– تطوير أفكار النص و
– الحكم على قيمته أطروحته ودعواه.
ونقوم فيها بالعمليات التالية كلها أو بعضها:
أ-الحكم على قيمة أطروحة النص وأفكاره من حيث أهميتها ويسمى هذا التثمين. وفيها نسعى أيضا إلى تطوير أفكار النص وإظهار المعاني والنتائج والفوائد النظرية أو العملية المترتبة عن الأخذ بما جاء به صاحب النص..
ب-الحكم على قيمة أطروحة النص وأفكاره من حيث حدودها و ويسمى هذا بالنقد. كتناقضها مع الواقع أو إغفالها لجوانب عالجتها مواقف فلسفية أخرى…

رابعا-نموذج تطبيقي.
لمساعدتك على فهم واستيعاب التوجيهات السابقة، سنشتغل الآن على نموذج تطبيقي. وستلاحظ ان ما سنقوم به وما يسمى تحليلا ومناقشة للنص لايختلف كثيرا عما نقوم به في الفصل الدراسي عند اشتغالنا على النصوص
تأمل النص التالي:
“كل البشر، بمن فيهم البلهاء، قادرون على التأليف بين مفردات مختلفة، ليركبوا منها كلاما يجعلون به أفكارهم مفهومة. و على العكس من ذلك، فما من حيوان آخر مهما كان كاملا و مهما نشأ نشأة سعيدة، يستطيع أن يفعل ذلك. و هذا لا ينشأ عن نقص في الأعضاء، لأن المرء يرى و الببغاء تستطيع أن تنطق ببعض الكلمات مثلنا، ولكنها مع ذلك لا تستطيع أن تنطق مثلنا، أي (أن تنطق) نطقا يشهد بأنها تعي ما تقول، في حين أن الذين ولدوا صما و بكما، فحرموا الأعضاء التي يستخدمها غيرهم للكلام مثل حرمان الحيوان أو أشد، اعتادوا أن يستنبطوا من تلقاء أنفسهم بعض إشارات يتفاهمون بها مع من يجدون فرصة لتعلم لغتهم. و هذا لا يشهد أن للحيوان من العقل أقل مما للإنسان، بل يشهد بأنه ليس للحيوان عقل مطلقا. فإننا نشهد أن معرفة الكلام لا تحتاج إلا إلى قدر قليل جدا من العقل…. و لا ينبغي أن يخلط بين الكلام و بين الحركات الطبيعية التي تعبر عن الانفعالات، و يمكن أن تجيد تقليدها الآلات كما تقلدها الحيوانات”. حلل وناقش

قبل أن نحرر موضوعنا في صيغته النهائية على شكل مقدم-عرض خاتمة، لابد من إنجاز بعض العمليات التمهيدية في مرحلة المسودة. وقبل المسودة، لابد من قراءة متأنية ومتكررة للنص من أجل فهم وتمثل أفكاره واسنتتاج أطروحته واستدعاء مكتسباتنا المعرفية التي لها علاقة بموضوع النص او إشكاليته..
وهذا مثال:
1-العمل التحضيري في المسودة:

يتبع ..

ودمتم محبين للحكمة :warda:

Facebooktwitterredditmailby feather