خارطة طريق لدرس الغير

خارطة طريق لدرس الغير

يعتمد هذه الدرس على المبادئ التالية
قبل الدرس:

مع احترامي – وأحيانا – إعجابي بالفلسفة المعاصرة وفلسفات ما بعد الحداثة، إلا أني أميل فيما يخص الفلسفة المدرسية الموجهة للمتعلمين إلى الفلسفة الكلاسيكية إذا صحت هذه التسمية، وأقصد بها الفلسفة ما قبل نيتشه
ولازلت أذكر كلمات أحد أساتذتي بالمدرسة العليا : “إذا كان عليك أن تختار لدرسك بين نص لهيدغر وآخر لأفلاطون ، فاختر الثاني !”
لماذا ؟ لأن نيتشه وهيدغر ودريدا و -بدرجة أقل – ميرلوبونتي وهوسيرل … يراجعون ويفككون تاريخ الفلسفة والميتافيزيقا والحال أن متعلمنا المسكين لم يتعرف بعد على هذا المسمى “تاريخ الفلسفة أو الميتافيزيقا” ..!

قبل طرح أي صيغة لدرس ما، لابد أن نكون قد حددنا سابقا – بأكبر قدر ممكن من الوضوح- الإشكالات التي سنعكف على معالجتها طيلة اشتغالنا على المحاور المقررة
لن نجد تحديدا للإشكال في هذا الكتاب المدرسي أو ذاك بل في وثيقة إسمها المنهاج أصدرتها الوزارة بتاريخ نونبر2006

المحور الأول: وجود الغير

يقول المنهاج عن إشكالية المحور الأول:
كيف يمكنني إدراك الغير بوصفه وعيا؟ إذا كان الوعي بالضرورة تجربة داخلية والغير ممثلا لوعي خارج عني؟
كيف يتحدد وعيي من خلال الغير؟

لمعالجة هذا الإشكال، لا مفر من المرور بلحظتين أساسيتين في تاريخ الفلسفة: اللحظة الديكارتية واللحظة الهيغيلية
للأسف الشديد فقد وقع في الكتب المدرسية الثلاث تجاوز هاتين اللحظتين تماشيا ربما مع “موضة فكرية” ما !!
بيد أني أميل إلى اعتماد نصوص الفلسفة الكلاسيكية كلما كانت نصوصها متوفرة قبل أية فلسفة أخرى ولو كانت آخر صيحة !
ما يميز النص الديكارتي والنص الهيغيلي هو أنهما يقدمان إشكالية وجود الوعي الآخر /الغير بأسط شكل ممكن بما يتناسب والمستوى المعرفي لمتعلمينا

على هذا الأساس، أقترح النصوص التالية للمحور الأول:

1/ نص ديكارت الشهير جدا والوارد ضمن الفقرات الأخيرة من التأمل الثالث والتي تبدأ هكذا” “أنظر من النافذة، فأشاهد بالمصادفة رجالا….”
ولو ألقينا سريعة نظرة على نص ميرلوبونتي الوارد بالصفحة 28 من كتاب “منار الفلسفة” لأدركنا إستحالة فهم السطر التاسع وما حوله دون المرور عبر النص الديكارتي الذي يساجله ميرلوبونتي نفسه!!
—-> الموقف: الأنا وحدوية solipsisme : إستحالة إدراك وجود الغير بوصفه وعيا

2/ نص هيغل الور دفي الكتاب المدرسي السابق مع إرفاقه بتلعيقات Jean Hyppolite والذي يعتبر مرجعا في الدراسات الهيغيلية و عميد مترجمي هيغل إلى الفرنسية !!
—-> الموقف: تجاوز اللحظة الديكارتية: ليس وجود الغير وجوديا عرضيا بل وجود مكون لوجود الأنا/الوعي نفسه

المحور الثاني: معرفة الغير
.
لايرد في المنهاج عن إشكالية هذا المحور غير السؤال التالي !: هل يمكن معرفة الغير؟
ولذلك أقترح النصوص/المواقف التالية، مع الإشارة إلى ضرورة عدم تجاهل إشكالية أساليب معرفة الغير وخصوصا مشكلة الإستدلال بالمماثلة
1/ نص غاستون بيرجي الذي ورد ضمن الامتحان الوطني لسنة 2003 والذي جرت استعادته في كتاب المنار
—> الموقف: الوعي الآخر عبارة عن حميمية أو قلعة حصينة، استحالة معرفة الغير والنفاذ إلى عالمه الداخلي
2/ نص ميرلوبونتي الوارد أيضا في الكتاب المدرسي السابق مع التميد له بعرض مختصر للتصور السارتري
—> الموقف: معرفة الغير ممكنة من خلال تجربة التواصل، والتخلي عن تعالي الذات المفكرة

المحور الثالث : العلاقة مع الغير

اكتفى المنهاج بالسؤال التالي: ” ماهي العلاقة التي تربطني به (أي الغير)؟

وهنا لابد من ملاحظة وهي ان الفلسفة وإن كانت مادة دراسية مؤهلة أكثر من غيرها للإضطلاع بدور التربية على القيم خصصوا قيم التسامح وتثمين الاختلاف والحوار، فإنها لاينبغي أن تتحول إلى تربية إسلامية أو تربية وطنية
وبالتالي لايكفي أن نردد ويردد وراءنا المتعلمون يجب إحترام الغير ولو كان غريبا !
ينبغي أن نؤشكل هذه العلاقة: لماذا لا نتصرف عادة تجاه الغير باحترام رغم أنه شبيهي وقريبي؟
على هذا السؤال يجيب نص مستفز لفرويد !
إذن اقترح النصوص/المواقف التالية:

1/ نص جوليا كريستيفا الوارد أيضا ضمن الكتاب المدرسي السابق وقد جرت استعادته حرفيا في كتاب المنار
—> الموقف: ينبغي مساءلة علاقتنا بالغبر/الغربب لأنه أقرب إلينا مما نتصور ، إنه يسكن ويقيم في قلب الذات؛
2/ نص لفرويد من كتابه قلق في الحضارة
—> الموقف: نقد غير مباشر لموقف كريستيفا وكل المواقف المشابهة، لأنه يحاول إثبات استحالة محبة الجار والقريب فما بالك بالغريب

كما تلاحظون، فإن هناك الكثير من الموارد المعرفية الوارد في الكتاب المدرسي السابق يمكن إعادة استعمالها recyclage
لأن المادة المعرفية الفلسفية لا تتقادم 😉 ، ثم إن الجكمة ضالة المؤمن اينما وجدها !
وفي الحقيقة فلم يوفق الكتاب المدرسي السابق في بناء درس جيد مثلما وفق في رس الغير !!

Facebooktwitterredditmailby feather

تعليقاتكم وتفاعلاتكم

تعليقات وملاحظات

0 تعليق على “خارطة طريق لدرس الغير”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *