كامل المقال من الرابط أسفله
عندما يهيمن “الموقف المدرسي” متمثلا في السكولائية والنسبوية الفجة، يغدو الغائب الأكبر هو التفكير، هو الأنا أفكر أو الديكارتية باختصار. وليس مصادفة أن تكون الديكارتية من الناحية التاريخية احتواء وتجاوزا للسكولائية والسفسطائية معا : فقد أعلن ديكارت غير ما مرة تبرمه من تلك الفلسفة النظرية التي تلقن في المدارس، في إشارة واضحة إلى السكولائية؛ كما استخدم إحدى أقوى أسلحة السفسطائية ألا وهو الشك. لكنه فعل كل ذلك ليدشن طريقة في التفلسف تنشد الحقيقة بحماس وتعتقد في إمكانية تأسيسها انطلاقا من الذات، ولهذا حيّى هوسيرل المسعى الديكارتي باعتباره المسعى الفلسفي بامتياز، مسعى العودة إلى الذات وتبرير كل الحقائق انطلاقا من حدوس الذات.
إنه لمن المؤسف حقا ألا يجد المرء أثرا للديكارتية في الفلسفة التلاميذية رغم أنها أقرب الفلسفات إلى الإنشاء الفلسفي شكلا ومضمونا : من حيث الشكل، تضع الديكارتية الفكرة تحت عنوان البساطة والوضوح، ولا تتردد في استعمال ضمير المتكلم وسرد قصة البحث عن الحقيقة كمغامرة شخصية، على نمط السيرة الذاتية؛ أما من حيث المضمون، فالديكارتية غير معنية بالعرض الأكاديمي للأقاويل الفلسفية (الذي يناسب الدراسات الجامعية بالتأكيد) إلا بقدر ما يساعد على الخروج بحكم مؤسس عقلانيا. وديكارت هو من كتب بأن « حفظ كل براهين الرياضيات لا تجعل منا رياضيين إذا بقي عقلنا عاجزا عن حل أي مسألة بنفسه، وقراءة كل استدلالات أفلاطون وأرسطو لا تجعل منا فلاسفة إذا بقي عقلنا عاجزا عن إصدار حكم راسخ في مسألة معينة. سنكون كمن تعلم ليس علوما بل تاريخ علوم. »
الفلسفة وفلسفة التلاميذ العفوية-صورة عالية الجودة
الفلسفة وفلسفة التلاميذ العفوية-صورة خفيفة سهل التحميل