الكتابة الإنشائية لتلامذتنا في الامتحان الوطني: العود الأبدي لنفس الأخطاء ! !

الكتابة الإنشائية لتلامذتنا في الامتحان الوطني: العود الأبدي لنفس الأخطاء ! !

مالذي يمنع التلميذ من التفكير الفلسفي يوم الامتحان: الجهل أم الرعب أم الكسل المعرفي؟؟
   تجرأ على استعمال عقلك

أقدم بين أيديكم زملائي المدرسين أعزائي التلاميذ لائحة غير حصرية بالأخطاء التي ألفتها لكثرة ما صادفتها في كتابات التلاميذ!!! والتي يمكن تجاوزها بالقليل من التركيز وإعمال العقل عوض الاستسلام لرد فعل الفزع والاحتماء وراء الأمان الموهوم للملخص المكدس في الذهن أو في… الجيب!!ء

الهفوة الأولى
الإهمال التام للنص أو السؤال أو القولة والاحتماء وراء الأمان الموهوم للملخص:

في امتحان هذه السنة – كما في سابقاتها- لم تدم علاقة بعض المترشحين بورقة أسئلة الإمتحان – فيما يبدو – سوى بضع لحظات، اعتبرت كافية لتخمين “الدرس” أو “المحور” المقصود، ثم نحيت جانبا!!! وهكذا استنتج من اختار السؤال الأول أنه يدور حول علاقة الحقيقة بالواقع وبما ان هناك محورا في الملخص يحمل عنوانا مماثلا،فقد هرع إليه مستظهرا إياه دون ان يكلف نفسه من حين لآخر عناء الإحالة على السؤال سواء في الخلاصات المرحلية في آخر كل فقرة أو عند الخلاصة النهائية في آخر الموضوع
لم أقرأ ورقة التقط صاحبها أنفاسه في منتصف العرض ليقول : يتين مما سبق أن الحقيقي هو الواقعي ولكن… أو يقول فبي الختام: إنطلاقا من مجموع المواقف التي أتينا على ذكرها بشأن علاقة الحقيقي بالواقعي ومنزلة الواقع نخلص غلى أن..
أما من اختار النص فقد استخلص منه سريعا أنه يناقش موضوع الشخصية ، العوامل المساهمة في بنائها أو دور الشخص في بناء شخصيته ثم هرع إلى محور في الملخص يحمل عنوانا مشابها وانطلق لا يلوي على شيء حتى أدرك نهاية الموضوع…
وكان النص لايضيف إلى معرفتنا أي جديد! وكأن النص لايتضمن إشكالية أصيلة ربما لم تطرق في الملخص بشكل مقصود وهي” وحدة او تعدد الشخصية” وكأن النص لا يثير الانتباه إلى ” البعد الزمني للشخصية” وكيف أن الشخصية هي إمكانيات أو مشروع يعاش في المستقبل أكثر مما يعاش في الحاضر… وكأن النص لا ينتقد ضمنيا مقاربة العلوم الإنسانية التي تتناول الشخصية في بعدها الحاضر مثلما يتناول العلم الطبيعي موضوعاته، وكأن النص لا يتضمن مثالا عن الطالب الذي هو أنا!!! والذي و إن كان تلميذا اليوم أي في الحاضر، لكن مايفعله وهو يجتاز الامتحان الآن يلغي حقيقته كتلميذ لأنه لا يتصرف بوحي من وضعية التلمذة بل بوحي من الامكانيات المستقبلية التي يضعها نصب عينيه وكأن وكأن…
هذه كلها معطيات غنية وجديدة، أنا نفسي كمصحح أستكشفها لأول مرة في النص ، مركبة ومصاغة على هذا النحو..!! وكأني بالمترشح يخاطب النص قائلا: اخرس مكانك أيها النص المراوغ! ألا تتحدث عن الشخصية ؟ طيب، لدي الكثير في ملخصي مما أقوله عنها…بحيث يغنيني عنك !!
وكأني بالمترشح يختزل النص إلى سؤال مباشر مفاده: ” استعرض ما تعرفه عن الشخصية أو عن دور الشخص في بناء شخصيته؟!!!ء

الهفوة الثانية:
مقدمة جاهزة مسبقا: المقدمة الصالحة لجميع المواضيع لاتصلح في الواقع لأي موضوع!!

هي تلك المقدمات التي تشبه المفاتيح التي تفتح كل الأبواب pass-partout وكأن المقدمة تنتمي إلى فئة الملابس الجاهزة. وكأنها معدة قبليا ولايوحي بها النص أو السؤال بعديا، وكأنني عندما أقصد أحدهم لأقترض منه بعض المال، أقصده مسلحا بمقدمة جاهزة، عوض أن استوحي المقدمة من سياق الحديث الذي لايمكنني التنبؤ به قبليا!!ء مقدمات مثل هذه تتكرر بشكل يدعو إلى الملل بل و ” تنوم” يقظة المصحح واهتمامه بالموضوع: ” أثار موضوع …كذا وكذا… جدلا واسعا بين الفلاسفة الذين تناوله كل واحد منهم من وجهة نظره الخاصة، ترى ما هي…؟…”
للمقدمة غاية عملية وظيفية لا زخرفية: هي التمهيد للموضوع وابراز أهميته أو إثارة بعض الالتباسات أو المفارقات لتبرير طرحنا للأسئلة التي نصوغها في آخر هذه المقدمة نفسها

الهفوة الثالثة:
التغييب التام للواقع والأمثلة الحية

هل سقط المترشحون ضحية التمثل المشترك الذي يتهم الفلسفة بكونها فكرا مجردا يحلق في سماء النظريات بعيدا عن هموم الناس الحياتية؟ هذا ما ألمسه باستمرار: لا أحد من المترشحين تقريبا غامر إلقاء نظرة من نافذة قاعة الامتحان، فيضرب أمثلة من الواقع! ، لاأحد تقريبا يغامر بفتح نافذة عالمه الداخلي لكي يمزج جفاف الفكر المجرد بطراوة التجربة الذاتية الحية!!ء التي لا يعادلها في حجيتها أحيانا أي برهان أو استدلال منطقي ولا يكافئها في قوتها أي اشتشهاد من أي كتاب كما نرى عند برغسون او الفينومنلوجيين
في جوابهم على سؤال: ” هل الحقيقي هو الواقعي؟” لم يخطر ببال المترشح ذكر القاضي الذي يحث الشاهد على قول الحقيقة أي وصف الواقع كما عاينه فعلا!! لم يخطر ببالهم أيضا السراب وباقي أشكال الوهم التي وإن كانت تتمتع بكل صفات الواقعي من وجهة نظر الانطباعات الحسية الذاتية او من وجهة نظر الرغبة إلا أنها ليست حقيقية مع ذلك ولم يخطر ببالهم … ولم يخطر ببالهم…ْ

الهفوة الرابعة:
استعادة “ببغاوية” ركيكية لجمل النص

وهي أهون الهفوات: يقع فيها بعض المترشحين الذين نحمد لهم وعيهم فعلا ضرورة الاشتغال على النص ولكنهم لسبب او لآخر يعجزون عن إنتاج أي قيمة مضافة أثناء حوارهم مع النص، أقصد انهم يستعيدون جمل النص مع بعض التحوير الركيك في العبارة أحيانا؛ وعند الفراغ من هذا الواجب الإلزامي الثقيل، تطل فقرات الملخص واحدة بعد أخرة دون أي جسور أو وشائج مع ما قيل من قبل. بحيث يصبح القارئ أمام جزئين منفصلين تمام الإنفصال، لكل منهما حياته الخاصة!! بحيث يمكن حذف أحدهما او قراءته منفردا دون حرج
لقد اكتفيت بالوصف في عرضي لهذه الهفوات، أما تشخيص الأسباب واستشراف الحلول فذاك موضوع آخر سيأتي مجال تفصيله مستقلا
هذه أهم الهفوات التي استطاع نظري المتواضع ان يرصدها أضعها بين يدي زملائي للتعليق عليها أو غلإضافة إليها ولكني بالدرجة الأولى أضعها بين يديكم أعزائي المتعلمين لتجاوزها

Facebooktwitterredditmailby feather

تعليقاتكم وتفاعلاتكم

تعليقات وملاحظات

6 تعليقات على “الكتابة الإنشائية لتلامذتنا في الامتحان الوطني: العود الأبدي لنفس الأخطاء ! !”

  1. من خلال الاطلاع على موارد الموقع يتضح لي جليا انك تضفي للفلسفة طعما وتنفخ فيها الحياة بعيدا عن المقالات الجافة التي تنفر التلميذ من المادة , اتمنى من الله ان تعاد صياغة الكتاب المدرسي بشيء يجعل منه متنفسا للتلميذ يمكنه من التعلم الذاتي والغطس في عوالم الفلسفة بدل النفور والكره

    وفقك الله استاذي الكريم لما فيه الخير

  2. شكرا أخي فاروق

    فعلا الرهان هو نفخ الحياة في الدرس الفلسفي ليقترب من الحياة الأخرى، حياة المتعلمين

اترك رداً على Ouma El إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *