كيفية إنجاز مطلب التحليل في صيغة القولة المذيلة بسؤال

كيفية إنجاز مطلب التحليل في صيغة القولة المذيلة بسؤال

أهلا بكم
هذا تدوين آخر لأجزاء من حصص أنجزتها مع تلامذتي أنشرها تعميما للفائدة..

كما هو معلوم، تُطرح عليكم يوم الامتحان ثلاث مواضيع تحتارون من بينها واحدا لتجيبوا عنه. سأركز اليوم على الموضوع الثاني وهو القولة المذيلة بسؤال، وسأركز بشكل خاص على مهارة أو مطلب التحليل
أولا، ماهي القولة؟ وبم تتميز عن النص أو السؤال:
للقولة خاصيتان:
1-الإيجاز الشديد: القولة هي عبارة فلسفية موجزة تتكون في الغالب من جملة إلى ثلاث جمل. وإيجازها يعني أن معانيها مكثفة أو شديدة التكثيف ! إنها تقول أشياءا كثيرة في كلمات قليلة !! بمعنى أن المفردة أو المفهوم الواحد يحيل على معان ودلالات وأفكار شتى (يتعين التفطن إليها وعرضها)
2- غياب الحجاج: القولة ثانيا هي عبارة عن اطروحة بدون حجاج. تتضمن موقفا فلسفيا من قضية أو إشكالية ما، لكن لم تتح لصاحبها المحاججة على أطروحته وموقفه نظرا لضيق الحيز (وعليه يتعين إعادة بناء الحجاج المفترض. كيف؟ سأخصص لذلك موضوعا مستقلا)

سأركز اليوم على الخاصية الأولى أي على خاصية الإيجاز الشديد
ماالمطلوب منك إزاء الإيجاز الشديد للقولة؟
المطلوب منك قبل أن تهرع وتسرع إلى المواقف المؤيدة والمعارضة أن تتوقف قليلا وبكل هدوء لكي “تتوسع في القولة” كما يقال، أي أن تشرحها وتكشف عن مختلف دلالالتها بحيث إذا كانت القولة تمتد على سطر أو سطرين فعليك بسطها في حوالي 10 أسطر. وهذا هو جوهر التحليل
والمعضلة هي: كيف أقوم ببسطها والتوسع يها!؟ :icon_scratch: كيف أستخرج من سطر واحد 10 أسطر !؟ :icon_eek:

لأجل ذلك، أقدم لك هذه التوجيهات المبسطة التالية لتستعين بها على إنجاز هذه المهمة
لكل مفهوم فلسفي ثلاث أنواع من الدلالات، نستحضرهاا كلها أو بعضها من أجل فهم معناه:
أ- ما يشير إليه المفهوم
ب- ما يستدعيه إما على سبيل الاقتضاء أو التلازم..
ج- ما يستبعده على سبيل التناقض
لا تفزع ! سأشرح لك ليس من خلال مثال واحد بل عدة أمثلة:

المثال الأول:
وردت في الامتحان التجريبي الذي بعثت به النيابة القولة التالية:
“لكي تبرر الدولة حقها في مطالبة الرعية بالطاعة، عليها أن تحقق لهم السعادة الدنيوية وتصون كرامتهم”
لنتوقف عند مفهوم الطاعة مثلا، ولاحظوا أننا سنستخرج منه العجب العجاب ! :icon_biggrin:
أ- ما يشير إليه المفهوم: تشير الطاعة إلى الامتثال والخضوع وتنفيذ أوامر
ب- ما يستدعيه إما على سبيل الاقتضاء أو التلازم: تستدعي الطاعة مفهوم السلطة، لاطاعة لمن لاسلطة له ! كما أن تعريف السلطة هو الصفة أو القدرة التي يملكها طرف من أجل إجبار طرف آخر على الخضوع والامتثال وتنفيذ أوامر..
تطوير محتمل أستثمره في التحليل أو المناقشة: لماذا أطيع وأمتثل؟ مامبرر الطاعة؟ أنواع المشروعية..إلخ
ج- ما يستبعده على سبيل التناقض: يستبعد مفهوم الطاعة مفاهيم العصيان، التمرد، الاحتجاج..
تطوير محتمل أستثمره في التحليل أو المناقشة: ماذا لو حدث عصيان أو احتجاج؟ ماهي أساليب الدولة لفرض الطاعة؟ هل تكتفي الدولة بمطالبة المواطنين بالطاعة أم تفرض عليهم الطاعة؟ بأية أساليب؟..إلخ

المثال الثاني:
أثناء الدرس، وبالضبط أثناء البناء الإشكالي في حور العدالة بين المساواة والانصاف، وقفنا عند قولة آلان: “مالحق؟ إنه المساواة ، ولقد ابتُكر الحق ضد اللامساواة”
لنتوقف عند مفهوم قد لا تعيرونه أي اهتمام عند تحليل الفولة ألا وهو مفهوم الابتكار (ابتُكر الحق…)
أ- ما يشير إليه المفهوم: الابتكار هو اختراع وإيجاد شيء لم يكن..
ب- ما يستدعيه إما على سبيل الاقتضاء أو التلازم: الحق الذي هو المساواة حسب آلان هو ابتكار بشري، إنتاج من إنتاجات الثقافة والعقل البشري، ظهر في فترة من الفترات ولم يكن موجودا منذ الأزل
ج- ما يستبعده على سبيل التناقض: ليست المساواة إذن معطى طبيعيا أو أوليا ! بالعكس ماهو طبيعي هو اللامساواة. الأصل هو اللامساواة بين الناس في القدرات الجسمانية (القوة، الجمال..) وفي القدراتا لعقلية… والدليل على ذلك تتمة الجملة: “ابتُكر الحق ضد اللامساواة”

المثال الثالث:
في بداية درس السعادة وفقنا على التعريف التالي:
“ألسعادة حالة إرضاء وإشباعتام للذات في كليتها، اشباعا يتسم بالديمومة..”
لنركز هنا على مفهوم “الكلية” و “ديمومة” مكتفين ب
ج- ما يستبعده على سبيل التناقض:مفهوم الكلية يستبعد الإشباعات الجزئية من قبيل لذة الظل في يوم حار أو لذة شراب أو طعام… أما مفهوم الديمومة فيستبعد أشكال الإشباع والإرضاء التي تتميز باللحظية مثل الفرح حتى وإن بلغت أحيانا درجة تفوق الوصف.. (أطير فرحا :icon_bounce: )

ملاحظة عامة: ما ذكرته سابقا تقنيات من أجل تحليل مفاهيم القولة. ولكن لابد من تنبيه مفاده أن التحليل يتم في الغالب بفضل توظيف المعرفة الفلسفية التي اكتسبناها أثناء الدرس أو دوناها في الدفتر أو قرأناها في ملخص او أي مصدر مكتوب آخر..
لايعني التحليل أن تنسى كل ما درسته في مادة الفلسفة وتتناطح مع القولة أعزلا ! ستنطحك القولة بدون شك وتلقيك أرضا !! :icon_biggrin: وستكتفي باجترار سطحي لمفردات القولة! المعرفة الفلسفة تجعل شرحنا لقولة فلسفية شرحا فلسفيا بدوره !

في المرة القادمة، سأتحدث عن البنية المنطقية للقولة.. التي ينبغي الانتباه إليها من أجل فهم سليم لأطروحة القولة

أتمنى لكم التوفيق :warda:

Facebooktwitterredditmailby feather

تعليقاتكم وتفاعلاتكم

تعليقات وملاحظات

11 تعليقا على “كيفية إنجاز مطلب التحليل في صيغة القولة المذيلة بسؤال”

  1. شكرا على هذا المجهود .
    فعلاً،علمتنا الفلسفة أن الوصفات الجاهزة رديئة فيما تُغرقنا به الكتابات الغزيرة والتي تلتقي في كثيرمنها في النهاية مع أجوبة الكتَيّب الذي يعلم التلاميذ الكتابة!
    دون إطالة،أنا شخصيا كنتُ أستاء كثيرا من مشكل الكتابة الفلسفية لدى التلاميذ لأن الاعتقاد والممارسة السائدين يؤثران على التلميذ من جهة،ومن جهة ثانية ،يغيب التطبيق حيث مجاله ،فيترك التوجيهات جانبا ويستنجد بالجاهز ،هاجسه الكم وقول كل شيء عرفه عن الموضوع وليس عن السؤال وغياب المقاربة المنهجية .
    وإذ أن هذه المشكلات معوقات أساسية ليس في طريق إجابات جيدة عن سؤال الامتحان،بل عقبة حقيقية تعترض درس الفلسفة و تؤثر على أهدافه الحقيقية سلباً.
    ارتأيت خلال ممارستي أن أقوم بتجربة متواضعة ،تتمثل في تقديم صيغ السؤال وشرح مطالب كل صيغة على حدةفي بداية الدورة الأولى .بعدها أتوقف لحظة للتطبيقات(تكلفني حصصا إضافية في نهاية كل دورة حيث ينهي بعض أساتذة مواد أخرى المقرر).
    كنا نشتغل على نموذج السؤال/النص،أو القولة/السؤال أو السؤال المفتوح،وبشكل جماعي،حيث أكتب السؤال على السبورة أو أوزعه مصورا،ونطبق خطوات الإنجاز بدءً من القراءة،مرورا بالتصميم ثم إنجاز الجواب جماعة،وتسجيل ذلك على السبورة من طرف التلاميذ والنتيجة موضوع إنشائي متكامل.
    بنفس الكيفية كنت أرتئي تصحيح الفروض،طبعا بعد كتابه الأخطاء الملاحظة على السبورة،ثم مناقشة الأخطاء الشخصية للتلاميذ.
    وبالموازاة مع إنجاز الدروس يتم الاشتغال على مهارات،يكلف التلاميذ بإنجاز تمارين منزلية وجزئية محروسة أحيانا (صياغة الإشكالية،الاستفهام،النقد،الحجاج،الاستنتاج،وتكون الإحالات مكثفة خلال تحليل النصوص).
    حبذا لو أتيحت للتلميذ فرصة الخطإ قبل الفروض وقبل الامتحانات!كان درس الفلسفة سيكون أجمل وأقرب للتلميذ!
    شكرا

  2. أهلا أستاذة أمينة
    وشكرا على التعليق والتفاعل
    سرتني قراءة تجربتك الفصلية كما سردت تفاصيلها. وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على أن إكساب التلميذ كفايات الإنشاء الفلسفي لا تتأتى إلا بجهد وتجديد بيداغوجي من طرف الأستاذ وبتمرن ومران من قبل المتعلم…
    أما تلك الصيغ المجردة الجوفاء التي تكتفي بان تقذف في وجه التلميذ نفس ماهو مكتوب في المذكرات الوزارية (وكأن المذكرات موجهة للمتعلم!) فلن تنتج عنها سوى الكوارث التي نعاينها -بلا حول ولاقوة- أثناء تصحيح أوراق الامتحان الوطني.
    مرة أخرى أشكرك وأحييك، وأنوه إلى أن هذا الموقع بأكمله ليس سوى مدونة بسيطة أحاول أن أدون وأوثق فيها بأكبر قدر ممكن من الأمانة ما تشهده حجرة درسي من متع الدرس الفلسفي و إحراجاته، نجاحاته و .. إحباطاته

    ودمت محبة للحكمة

  3. :شكرا على هذا المجهود .
    فعلاً،علمتنا الفلسفة أن الوصفات الجاهزة رديئة فيما تُغرقنا به الكتابات الغزيرة والتي تلتقي في كثيرمنها في النهاية مع أجوبة الكتَيّب الذي يعلم التلاميذ الكتابة!

  4. نشرت و قدمت فأوفيت فأقنعت فجزاك الله خيرا كل الخير إن شاء الله

اترك رداً على KHAOULA إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *